في الوقت الذي أظهرت فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية صور المواطنين في تل أبيب وهم يستجمون على الشواطئ، حذرت أوساط رسمية وشعبية من المبالغة في الزهو، مناشدة المواطنين أن يأخذوا بجدية التهديدات برد إيراني على عملية «الأسد الصاعد» التي أطلقتها إسرائيل ضد إيران.
وبينما اعتبرت غالبية الصحف الضربات في إيران شديدة وقاسية، لكنها لن تؤثر على المشروع النووي، تحدثت تحليلات عن أن الهدف الحقيقي للضربة هو إسقاط النظام في إيران.
إسقاط النظام
ورفض المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» وموقع «واينت» الإلكتروني، رون بن يشاي، ادعاءات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن هدف العملية الحربية هو «إزالة التهديد الوجوديّ النووي أو الصاروخي». وقال إن الجيش الإسرائيلي استهدف قدرات القيادة وسيطرة «الحرس الثوري» الإيراني على الصواريخ والطائرات المسيّرة، لكن «ما زال من غير الواضح حجم الضرر الذي لحق بهذه المنظومات الإيرانية». وأعرب عن اعتقاده أن الهدف الحقيقي هو إسقاط النظام؛ «لأن هناك قناعة بأنه فقط إذا سقط النظام، فستكون إسرائيل محررة من نووي إيراني».
وأكد بن يشاي أن الإدارة الأميركية تبلغت مسبقاً وقبل وقت طويل بالهجوم الذي تم «بعلم وتنسيق مع الإدارة في واشنطن. والتصريحات الأخيرة للرئيس دونالد ترمب ووزير الخارجية ماركو روبيو، كانت غايتها تحقيق هدفين: الأول تضليل الإيرانيين كي يُفاجئهم الهجوم بالرغم من الشائعات التي انتشرت والتوتر في الشرق الأوسط. والهدف الثاني هو التوضيح للإيرانيين أن الولايات المتحدة ليست ضالعة في الضربة الأولية للحرب».
وادعى بن يشاي أن «الهدف على ما يبدو هو أن تتمكن الولايات المتحدة من أن تقترح على إيران وقف إطلاق نار والعودة إلى طاولة المفاوضات بعد ضربة البداية التي أنزلتها إسرائيل على إيران، الليلة الماضية».
سرية محكمة
وكشفت قناة «آي 24»، أن إسرائيل بذلت جهوداً كبيرة للحفاظ على التخطيط لهذا الهجوم بسرية تامة ومحكمة، وبقي في سرية حتى تنفيذه الليلة الماضية. وقالت إن الجلسة التي تمت خلالها الموافقة على الضربة الاستباقية ضد إيران عُقدت في الساعة الثامنة من مساء الليلة الماضية، وقيل إنها ستبحث في الحرب على غزة، لكنها خُصصت في الواقع للحرب على إيران. وحتى يحافظ الوزراء على الأمر سراً، طُلب منهم أولاً التوقيع على تعهد بالحفاظ على السرية؛ ما يعني عدم السماح لهم بتسريب أي شيء. ثانياً، أخذوا هواتفهم ووضعوها في مجمع مغلق، ولم يسمحوا لهم بالمغادرة حتى بدأ دوي الانفجارات يُسمع في إيران. وقد جلسوا هناك لساعات طويلة، ولم يسمحوا لهم بمقابلة أي شخص من الخارج، حتى لا يقول أي منهم أي شيء عن طريق الخطأ، ولأسباب تتعلق بأمن المعلومات، حتى لا تتسرب هذه المعلومات وتنكشف.
كما تصرفت إسرائيل بصورة محكمة جداً ومحنكة، واستخدمت أيضاً دبلوماسيين أدلوا بتصريحات معينة، مثل تغريدة ترمب قرب منتصف الليل، والتي كتب فيها أن الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهدها لحل النزاع مع إيران بالطرق الدبلوماسية.
سيناريوهات الرد
وقال موقع «واللا» الإخباري إن الأجهزة الأمنيّة تستعدّ لعدة سيناريوهات بعد الهجوم الإسرائيلي، منها إطلاق إيران صواريخ باليستية، يصل مداها إلى ألفَي كيلومتر، وبزنة مئات الكيلوغرامات، وبمقدورها إحداث أضرار وُصفت بأنها «جدية» في إسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن التقدير الأساسي في هذه المرحلة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية، هو أن إيران ستطلق عشرات الصواريخ تجاه إسرائيل، إلى جانب هجمات بطائرات مسيّرة. كما رجّحت مصادر أمنية أن تستهدف إيران قواعد عسكرية، ومواقع استراتيجية، وبنى تحتية.
وحذرت من أن فشل إيران في إسقاط أي طائرة وعودة الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها سالمة، لا يجب أن يوهم الناس بأن الحرب انتهت، بل يجب الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية.
ونقل «واللا» عن مسؤولين إسرائيليين تحذيرهم من أن الرد الإيراني بمقدوره التسبّب في دمار واسع في عدة مواقع، وفي مقتل مدنيين وجنود في الجيش الإسرائيلي.
وذكرت «القناة 13» الإسرائيلية، أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن «ردّ إيران سيأتي على عدة دفعات»، ستكون «أوّلها، إطلاق مئات الصواريخ الباليستية».