قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة تعتزم تزويد أوكرانيا بمعلومات استخباراتية لشن هجمات صاروخية بعيدة المدى تستهدف البنية التحتية للطاقة داخل روسيا، في وقت تدرس فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب إرسال أسلحة متطورة إلى كييف قد تتيح لها ضرب المزيد من الأهداف في عمق الأراضي الروسية، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأوضح المسؤولون أن ترمب وافق مؤخراً على السماح لأجهزة الاستخبارات ووزارة الدفاع “البنتاجون” بدعم كييف في هذه الضربات، فيما تطلب واشنطن من حلفائها في حلف شمال الأطلسي “الناتو” تقديم دعم مماثل.
ويُنظر إلى توسيع تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا على أنه أحدث إشارة إلى تعميق إدارة ترمب دعمها لكييف، بعد أن تعثرت مساعيه لدفع مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا.
ووفق المسؤولين، تُعد هذه المرة الأولى التي تقدم فيها إدارة ترمب مساعدات مباشرة لأوكرانيا في شن هجمات صاروخية بعيدة المدى تستهدف منشآت الطاقة في عمق روسيا.
وبينما قدمت واشنطن مساعدات سابقة لعمليات أوكرانية بطائرات مسيرة وصواريخ قصيرة المدى، فإن مشاركة الاستخبارات الأميركية ستتيح لكييف ضرب مصافي نفط وأنابيب وخطوط طاقة ومحطات توليد بعيدة عن حدودها، بهدف حرمان الكرملين من العائدات والموارد النفطية اللازمة لمواصلة الحرب، وفقاً للصحيفة.
صواريخ “توماهوك” و”باراكودا”
كما تدرس الإدارة الأميركية تزويد كييف بصواريخ “توماهوك” و”باراكودا” ومنظومات صاروخية أخرى تُطلق من البر أو الجو بمدى يصل إلى نحو 500 ميل، بحسب المسؤولين، الذين أشاروا إلى أن أي قرار نهائي لم يُتخذ بعد.
ويرى خبراء أن الجمع بين هذه الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية يمكن أن يُحدث تأثيراً أكبر بكثير من الضربات السابقة التي نفذتها أوكرانيا، بما يلحق أضراراً أوسع بالبنية التحتية للطاقة الروسية ويضع مزيداً من الضغوط على الدفاعات الجوية لموسكو.
وقال أحد المسؤولين إن “البنتاجون” بانتظار توجيهات مكتوبة من البيت الأبيض قبل مشاركة المعلومات الحساسة. وامتنعت وكالة الاستخبارات الدفاعية عن التعليق على العمليات الجارية، كما رفضت وكالة الاستخبارات المركزية التعليق.
وكانت الإدارة الأميركية قد وافقت مؤخراً على بيع ذخائر هجوم بعيدة المدى لأوكرانيا تُطلق من الجو بمدى يتراوح بين 150 و280 ميلاً.
يُذكر أن صواريخ “توماهوك”، التي تُعد من أدق الأسلحة الأميركية، قادرة على بلوغ مدى يصل إلى نحو 1500 ميل.
وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي أنه طلب من ترمب تزويد بلاده بهذه الصواريخ، فيما أكد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس أن الطلب قيد الدراسة.
وجاءت موافقة ترمب على تعزيز الدعم الاستخباراتي قبل أيام من نشره رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي أبدى فيها استياءه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكداً أن أوكرانيا قادرة على استعادة جميع أراضيها المحتلة.
وكان ترمب قد صرح سابقاً بأن كييف لن تتمكن من تحقيق النصر من دون القدرة على ضرب أهداف داخل روسيا.
ورغم أن أوكرانيا تنفذ منذ سنوات هجمات بالطائرات المسيّرة داخل روسيا، فإن إدارة ترمب فرضت قيوداً صارمة على استخدام الأسلحة الأقوى وعلى تبادل المعلومات.
كما أوقفت شحنات جديدة من منظومات “أتكامز” التي سبق أن أرسلتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وفرض البنتاجون آلية مراجعة لكل استخدام لهذه الصواريخ.
وحال هذا الإجراء دون إطلاق كييف أي صاروخ أميركي من طراز “أتكامز”، الذي يبلغ مداه نحو 190 ميلاً، على الأراضي الروسية منذ أواخر الربيع.
وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن أوكرانيا تقدمت بطلب لاستخدام هذه الصواريخ ضد هدف داخل روسيا لكنه قوبل بالرفض.
ومنذ توليه منصبه في يناير الماضي، سعى ترمب إلى التوسط لوقف إطلاق النار في أوكرانيا كخطوة نحو تسوية أشمل، غير أن محاولته الأولى القائمة على تقديم حوافز اقتصادية وتجارية لروسيا مقابل وقف الحرب لم تحقق أي تقدم مع بوتين.
كما تعثرت المفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ 3 سنوات ونصف بعد سلسلة اجتماعات بين قادة أميركيين وروس.
وألمح ترمب مؤخراً إلى أنه بصدد اتباع نهج مختلف، إذ تلقى إحاطات عدة بشأن الوضع الميداني، ركزت على ضعف التقدم الروسي.
وخلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، قال: “الجميع كان يعتقد أن روسيا ستكسب هذه الحرب في 3 أيام، لكن ذلك لم يحدث. كان يُفترض أن تكون مجرد مناوشة سريعة، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو، وهذا لا يجعل موسكو في موقف جيد”.
رد روسي حذر
وفي موسكو، جاء الرد حذراً، حيث قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن روسيا تدرس بعناية التصريحات الأميركية بشأن احتمال تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك”.
وأضاف: “يبقى السؤال: من الذي سيطلق هذه الصواريخ إذا وصلت إلى أراضي النظام في كييف؟ هل سيكون الأوكرانيون وحدهم، أم سيشارك الجيش الأميركي؟ ومن الذي سيحدد الأهداف لهذه الصواريخ؟ هذه قضايا تحتاج إلى تحليل معمّق للغاية”.
في المقابل، رحب مسؤولون أوروبيون بالخطوة الأميركية، حيث استثمرت ألمانيا نحو 350 مليون دولار لتطوير القدرات الصناعية الأوكرانية على تصنيع أسلحة بعيدة المدى.
وقال البريجادير جنرال يواخيم كاشكه، المشرف على المساعدات العسكرية الألمانية لكييف، إن أوكرانيا تحتاج إلى دعم في 3 جبهات رئيسية لمواجهة العدوان الروسي: الدفاعات الجوية، والقدرة على تثبيت خطوط الجبهة، والقدرة على تنفيذ ضربات في عمق روسيا.
وأضاف: “عندما يواجه المدافعون الأوكرانيون عدواً متفوقاً عددياً، فلابد من نقل المعركة إلى ما وراء خطوط الجبهة. يجب قطع خطوط الإمداد من أجل التمسك بالجبهة، وهذا هو المنطق العسكري وراء الأمر”.