
حسين زلغوط
خاص- موقع “رأي سياسي”:

شهدت محافظة السويداء في جنوب سوريا ولا تزال في ظل اتفاقات هشة على وقف اطلاق النار، سلسلة من الأحداث الدامية تثير القلق في المنطقة بأسرها، لا سيما على الجانب اللبناني من الحدود الشرقية. وتأتي هذه التطورات في وقت حساس يشهد فيه لبنان أزمات متعددة، مما يطرح تساؤلات حول التداعيات المحتملة لهذه الأحداث على الوضع اللبناني، وهل هناك احتمالات لتصعيد أمني قد يمتد إلى الحدود؟
من المعروف أن الأزمة في السويداء بدأت مع اندلاع احتجاجات واسعة ضد النظام السوري، في ظل حالة من السخط الشعبي بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد. هذه الاحتجاجات لم تقتصر على مطالب اقتصادية فحسب، بل تطورت إلى مطالب سياسية ترفض سيطرة النظام السوري على مفاصل الدولة. إضافة إلى ذلك، كانت هناك تحركات لمجموعات محلية مسلحة في السويداء، تزايدت مع مرور الوقت، مما جعل الوضع أكثر تعقيداً.
ووفق ما ينشر من تقارير اعلامية فإن بعض الجماعات المسلحة المحلية في السويداء أصبحت تتحرك بشكل مستقل عن النظام السوري، وهو ما أثار مخاوف من أن تتحول السويداء إلى ساحة للصراع المحلي بين فصائل مختلفة، مما يفتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية قد تعمق من تعقيد الأوضاع.
لا شك أن الوضع في السويداء له تأثير مباشر على لبنان، وخاصة على المناطق الحدودية في الشرق اللبناني، حيث سبق أن شهدت هذه المناطق اشتباكات مع القوات السورية في فترات سابقة، وهذا يزيد من القلق من حدوث تصعيد في حال استمر الوضع المتأزم في السويداء.
ويعزز هذا القلق ما يقال عن وجود عناصر غير سورية على الحدود بين سوريا ولبنان، على الرغم من نفي سوريا لمثل هذه الاخبار التي تعتبرها دمشق مبالغ فيها، فيما تؤكد كل المعطيات أن أي تصعيد عسكري في الجنوب السوري قد يؤدي إلى تداعيات مباشرة على لبنان. ويشمل ذلك احتمال تدفق اللاجئين الجدد إلى لبنان، فضلاً عن استهداف جماعات مسلحة لبنانية، كما حدث في بعض الفترات السابقة، وان كانت بعض الشخصيات اللبنانية تؤكد انه من غير المرجح أن يكون هناك اشتباك مباشر على الحدود بين لبنان وسوريا في الوقت الحالي.
أما في ما يخص حزب الله، الذي يمتلك حضوراً قوياً في المنطقة، فإن دوره قد يكون حاسماً في التأثير على أي تصعيد محتمل على الحدود، حيث يمكن أن يتدخل لضبط الأمور في حال أصبح الوضع في السويداء يهدد أمن لبنان بشكل مباشر، وهذا ان حصل فانه يعني اننا دخلنا في مرحلة شديدة التعقيد في ظل تشابك المصالح الدولية في المنطقة.
وبغض النظر عن كل التحليلات فان الاحتجاجات في السويداء، وما قد ينتج عنها من تطورات، تمثل تحدياً جديداً أمام استقرار لبنان، الذي يبقى على حافة الهاوية في ظل غياب الحلول السياسية والتوافقات الداخلية. الأمل في أن تستمر الهدنة الأمنية على الحدود بين لبنان وسوريا، ولكن إذا استمر التوتر في السويداء، قد تكون العواقب أكثر تعقيداً، بما في ذلك زيادة التهديدات الأمنية والإنسانية الناجمة عن ملف النازحين على لبنان.