قال الفنان المصري محمد جمعة إن دخوله مجال الغناء جاء بعد فترة من التفكير والدراسة وكذلك التردد، رغم أنه لم يكن غريباً عن الغناء تماماً؛ إذ سبق له إعادة تقديم عدة أغنيات معروفة بصوته، موضحاً أن القرار تأخر نسبياً، لكنه جاء في التوقيت الذي شعر فيه بأنه مستعد لخوض هذه الخطوة بشكل احترافي وجاد.
وأضاف جمعة لـ«الشرق الأوسط» أن البداية الفعلية لهذه الخطوة كانت في عام 2021، خلال فترة جائحة «كورونا»، عندما تعاون مع الملحن مدين في إعادة تقديم أغنية «كلام عني»، ولاحظ حينها تفاعلاً كبيراً من الجمهور، وهو ما شجّعه على التفكير بجدية في تقديم أعمال غنائية خاصة به تحمل هويته الفنية، مشيراً إلى أن فكرة الغناء الخاص به كانت مؤجلة لفترة طويلة، لكنه كان يشعر طوال الوقت برغبة داخلية في تنفيذها متى أتيحت الظروف المناسبة.
واعتبر أن المرحلة الجديدة في مشواره «تطلبت العمل بمهنية عالية»، ولذلك تعاقد مع شركة «ميوزيك هاب» لإدارة منصاته الرقمية وتوزيع أعماله بشكل احترافي، مؤكداً أن «خبرة الشركة كانت خطوة أساسية» في وضع مشروعه الغنائي على المسار الصحيح؛ لما تمتلكه من أدوات إنتاج وتوزيع وإدارة محتوى موسيقي قوية، وهو «ما يعني أن دخولي عالم الغناء ليس مجرد نزوة، بل رغبة حقيقية لترك بصمة في هذا المجال».
وعن طبيعة الأغاني التي يقدمها، قال جمعة إن الجمهور قد يربطه بالأدوار الحزينة بسبب شخصية «عم ضياء» التي قدمها سابقاً في مسلسل «الوصية» وحققت انتشاراً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تزال تحظى بمشاهدات مرتفعة، مشيراً إلى أن هذا الارتباط أثّر على الصورة الذهنية التي يحملها الجمهور عنه، رغم أنه قدم أدواراً متنوعة أخرى تضمنت الكوميديا والدراما الاجتماعية، مثل مشاركته في مسلسل «سيب وأنا أسيب» وأعمال أخرى تضمنت أدواراً لا تمت للحزن بصلة.
وأوضح أن الأغاني التي يعمل عليها حالياً تحمل طابعاً مختلفاً عن شخصية «عم ضياء»؛ إذ تتسم بالتفاؤل والمرح؛ لافتاً إلى أن هذه الأغاني تمثل جزءاً من شخصيته الحقيقية التي لا يعرفها الجمهور بالضرورة، وهو ما يسعى لإبرازه من خلال أعماله الغنائية الجديدة.
وأشار إلى أنه يستعين في اختياراته الفنية بآراء مجموعة صغيرة من المتخصصين الذين يثق في ذوقهم الفني، منهم الملحن مدين، والمنتج ياسر خليل، مؤكداً أنه يعتمد عليهم في تقييم الأعمال قبل طرحها؛ نظراً لخبرتهم في التعامل مع السوق والجمهور.
وعن مدى تأثير «السوشيال ميديا» في تقييم نجاح الأغنيات، قال جمعة إن «الردود التي تأتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بمنزلة مؤشر حقيقي لمدى وصول الأغنية وتفاعل الجمهور معها»، معتبراً أن المتابعة اللحظية للمشاهدات والتعليقات تمنحه «تصوراً واضحاً حول اتجاهات الجمهور وما يحب سماعه».
وبشأن إمكانية تنظيمه حفلات غنائية في الفترة المقبلة، أوضح أنه لم يحسم هذا الأمر بعد، مؤكداً أن التجربة لا تزال في بدايتها، خصوصاً أنه لم يصدر حتى الآن سوى ثلاث أغنيات فقط، متحدثاً عن تفضيله التريث ومتابعة ردود الفعل قبل أن يقرر الدخول في تجربة الحفلات الغنائية، مع وضع أولوية في الوقت الحالي لاستكمال المشروع الغنائي.
وتحدث جمعة عن استخدامه تقنيات الذكاء الاصطناعي في أحد أعماله، موضحاً أن أول أغنية أصدرها بالتعاون مع «ميوزيك هب» جاءت مواكبة لتريند «Google AI»، وكان الهدف من ذلك جذب انتباه الجمهور عبر توظيف تقنية حديثة تعكس اهتمامه بتقديم شيء مختلف، لافتاً إلى أن «الكليب» الخاص بالأغنية تم إنتاجه بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ ما شكّل تجربة جديدة ومثيرة في مسيرته الغنائية.
وشارك محمد جمعة أخيراً في مسرحية «بني آدم» التي عُرضت في جدة للمرة الثانية بعد عرضها في «موسم الرياض» نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي برفقة أحمد حلمي وآسيل عمران، وهي التجربة التي عبّر عن سعادته بردود فعل الجمهور السعودي عليها.
وقال جمعة إن «المسرحية تنتمي إلى نوعية العروض التي تجمع بين الكوميديا والرسالة، بأسلوب يذكّر بجو المسرح القديم الذي يقدم موضوعاً له قيمة وفكر، إلى جانب الكوميديا الذكية»، مشيراً إلى أن «المسرحية مختلفة تماماً عما هو شائع حالياً على خشبة المسرح».
وأشار إلى أن «فريق العمل حرص على تطوير النص والأداء بشكل مستمر، وأن التحديات الأساسية كانت تكمن أحياناً في بعض اللحظات التي يتأخر فيها توقيت (تسليم الإفيه) أو يفقد وقعه الكوميدي، مما يضطرهم إلى إعادة ضبط الأداء في اليوم التالي لتفادي تلك المواقف»، والتي وصفها بأنها من أصعب اللحظات بالنسبة لأي ممثل مسرحي.
وأكد شعوره بارتياح كبير على خشبة المسرح، خاصة أنه خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، ولديه خلفية أكاديمية ومهنية قوية في العمل المسرحي، موضحاً أن تحضير شخصية على المسرح يُعد من أسهل المهام بالنسبة له مقارنة بالسينما أو الدراما التلفزيونية، وذلك بسبب وجود وقت كافٍ للبروفات والتعمق في تفاصيل الشخصية.
وتحدث جمعة عن تعاونه الأول مع الفنان أحمد حلمي، واصفاً إياه بأنه فنان واعٍ ومنضبط، ولديه قدرة فائقة على قراءة الورق وتحليل العمل الفني، معتبراً أن حلمي يُعد من أكثر الفنانين الذين يعرفون كيف يصوغون مشروعاً فنياً ذا رسالة.