لجنة تحقيق أممية: إسرائيل ارتكبت «إبادة جماعية» في غزة
اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة إسرائيل، اليوم الثلاثاء، بارتكاب «إبادة جماعية» في قطاع غزة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «بهدف القضاء» على الفلسطينيين، بينما قالت إسرائيل إنها «ترفض رفضاً قاطعاً التقرير المشوه والخاطئ»، داعيةً إلى «حلّ لجنة التحقيق هذه فورا».
وقالت رئيسة لجنة التحقيق الدولية نافي بيلاي في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «خلصنا إلى أن إبادة جماعية تحدث في غزة ولا تزال جارية، وأن المسؤولية تتحملها دولة إسرائيل».
وأضافت: «تقع المسؤولية عن هذه الجرائم المروعة على عاتق السلطات الإسرائيلية على أعلى المستويات التي قادت حملة إبادة جماعية منذ ما يقرب من عامين بهدف محدد هو القضاء على الفلسطينيين في غزة».
من جانبها، أكدت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي، أمس، أن إسرائيل ترتكب «إبادة» في غزة، منددة بما قالت إنه «تواطؤ» بلدان أخرى.وقالت ألبانيزي للصحافيين في جنيف: «تواصل الكثير من البلدان الإشاحة بنظرها بعيدا وتطبيع المعاناة بل وحتى الاستفادة منها».وأضافت أن «تجارة الأسلحة والانخراط دبلوماسيا مع إسرائيل يتواصل بلا هوادة». وأفادت بأن الأمر «ليس خطأ من الناحية الأخلاقية فحسب، بل هو غير قانوني»، مطالبة بـ«محاسبة الأشخاص ذاتهم الذين أصدروا أوامر بمواصلة التجارة ونقل الأسلحة باتّجاه إسرائيل».
واستشهدت اللجنة بأمثلة منها حجم عمليات القتل، وعرقلة المساعدات، والنزوح القسري، وتدمير مركز للخصوبة لدعم النتائج التي خلصت إليها بشأن الإبادة الجماعية، لتضيف صوتها إلى جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات التي توصلت إلى نفس النتيجة.
يعد التحليل القانوني للجنة، المؤلف من 72 صفحة، أقوى استنتاجات للأمم المتحدة حتى الآن، لكن اللجنة مستقلة ولا تتحدث رسميا باسم الأمم المتحدة. ولم تستخدم المنظمة الدولية مصطلح الإبادة الجماعية بعد، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة لتفعل ذلك.
وتواجه إسرائيل قضية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تتهمها بالإبادة الجماعية. وترفض إسرائيل هذه الاتهامات، وتشير إلى أن من حقها الدفاع عن النفس عقب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة، وفقا لأرقام إسرائيلية.
وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تلت ذلك في غزة إلى مقتل أكثر من 64 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة، في حين يقول مرصد عالمي للجوع إن جزءا من القطاع يعاني من المجاعة.
وتُعرّف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تم إقرارها في أعقاب أعمال القتل الجماعي التي ارتكبتها ألمانيا النازية بحق اليهود، الإبادة الجماعية بأنها الجرائم المرتكبة “بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية”. ولاتخاذ قرار بوجود إبادة جماعية، يجب ارتكاب فعل واحد على الأقل من بين خمسة أفعال.
وتوصلت لجنة الأمم المتحدة إلى ارتكاب إسرائيل أربعة منها هي: القتل، والتسبب في أذى جسدي أو نفسي خطير، وتعمد فرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الفلسطينيين كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تستهدف منع إنجاب الأطفال.
وساقت اللجنة أدلة تضمنت مقابلات مع ضحايا وشهود وأطباء ووثائق مفتوحة المصدر تم التحقق منها وتحليل صور الأقمار الصناعية التي تم جمعها منذ بدء الحرب.
تجريد الضحايا من إنسانيتهم
خلصت اللجنة أيضا إلى أن تصريحات لنتنياهو ومسؤولين آخرين تعد «دليلا مباشرا على نية الإبادة الجماعية». وأشارت إلى رسالة كتبها إلى جنود إسرائيليين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، شبه فيها عملية غزة بما وصفته اللجنة بأنها «حرب مقدسة للإبادة الشاملة» في العهد القديم.
ويذكر التقرير أيضا بالاسم الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
وقالت بيلاي، وهي من جنوب أفريقيا وترأست محكمة الأمم المتحدة المعنية برواندا حيث قُتل أكثر من مليون شخص عام 1994، إن الوضعين متشابهان. وأضافت «عندما أنظر إلى وقائع الإبادة الجماعية في رواندا، أجدها مشابهة لهذا للغاية. إنكم تجردون الضحايا من إنسانيتهم. إنهم حيوانات، ولذلك، بلا وخز من ضمير، يُمكن قتلهم».
وأشارت محكمة العدل الدولية إلى تصريحات إسرائيلية أخرى فيما يتصل بغزة والفلسطينيين عندما أصدرت أمرها المتعلق بتدابير طارئة في عام 2024، لكنها لم تذكر نتنياهو بالاسم.
وقالت بيلاي، التي ستتقاعد في نوفمبر تشرين الثاني، «آمل أن يؤدي تقريرنا إلى انفتاح عقول الدول أيضا».
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، أمس الاثنين، إن أحدث الهجمات الإسرائيلية في شمال غزة، والتي أودت بحياة أو أصابت العشرات وفقاً للتقارير، تترك أثراً مروعاً على المدنيين الذين «يتكبدون المعاناة، والجوع الشديد».
وأضاف ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «ندين التصعيد الدموي للهجوم العسكري الإسرائيلي الذي شهدناه خلال عطلة نهاية الأسبوع في مدينة غزة. نكرر دعوتنا لحماية المدنيين، والعاملين في المجال الإنساني، والالتزام الكامل بالقانون الدولي».
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن آلاف النازحين فروا من الضربات العنيفة، والقصف الذي اجتاح المدينة عبر طريق الرشيد المزدحم، وهو الطريق الوحيد المتاح جنوباً.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليبو لازاريني، أول من أمس، إن عشرة من مباني الوكالة في مدينة غزة تعرضت للقصف خلال الأيام الأربعة الماضية، من بينها سبع مدارس، وعيادتان كانتا تستخدمان ملاجئ لآلاف النازحين.
وحذر لازاريني من أن تكثيف الغارات الجوية على مدينة غزة وشمال القطاع سيدفع المدنيين المنهكين والمرعوبين إلى النزوح مرة أخرى.
وأوضح مكتب «أوتشا» أن شركاء يراقبون حركة النزوح أبلغوا عن توجه نحو 70 ألف شخص جنوباً، معظمهم إلى دير البلح، وخان يونس. وخلال الشهر الماضي، تم رصد ما يقارب 150 ألف حالة نزوح من الشمال إلى الجنوب.