كشفت مصادر درزية مطلعة في مدينة السويداء، جنوب سوريا، عن أن حملة الاعتقالات التي نفذها ما يسمى «الحرس الوطني» بحق نحو 10 أشخاص، مساء السبت، جاءت بتهمة محاولتهم تنفيذ «انقلاب» على سياسات ومشروعات الشيخ حكمت الهجري، عبر سعيهم إلى تشكيل «تيار موازٍ» لتياره، معربة عن مخاوف من حدوث «فتنة» بالمحافظة، في إشارة إلى أن الاعتقالات يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب أهلية درزية – درزية، فيما زعم «الحرس الوطني» إحباط ما سماه «خرقاً أمنياً» خططت له مجموعة أشخاص بالتنسيق مع الحكومة السورية، واعتقال المشتبه فيهم.
وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، فضلت عدم الإفصاح عن أسمائها بسبب حالة التوتر والانفلات الأمني في السويداء ذات الغالبية الدرزية، أن «(الحرس الوطني) شن (السبت) حملة اعتقالات واسعة في المدينة، طالت نحو 10 اشخاص، بتهمة أنهم (يحاولون تجنيد أناس للقيام بانقلاب على حكمت الهجري) و(الحرس الوطني)، وذلك وسط حالتَي توتر وانتشار أمني كبيرتين في المدينة».
وقالت إن من اعتُقلوا وُجهت لهم تهمة تشكيل تيار موازٍ لتيار الهجري، «وقد استبق (الحرس) الخطوة واعتقلهم».
ميليشيا الحرس الوطني التابعة للهجري تقتحم منزل سليمان عبد الباقي مدير مديرية الأمن الداخلي في مدينة السويداء pic.twitter.com/ALufkRfU5L
— Halab Today TV قناة حلب اليوم (@HalabTodayTV) November 30, 2025
هذا؛ وقد عُرف ممن طالتهم الاعتقالات: رجل الدين الشيخ رائد المتني، وعاصم أبو فخر، وغاندي أبو فخر، وماهر فلحوط، وحسام زيدان، وزيدان زيدان، وعلم الدين زيدان.
وبينما لفتت المصادر إلى أن عائلة زيدان هم أخوال القيادي ليث البلعوس، نشرت منصات للتواصل الاجتماعي مقطع فيديو سربه عناصر من «الحرس الوطني» يظهر فيه الشيخ المتني وهو يتعرض للإهانة من قبلهم، عبر حلق لحيته وشاربيه وتوجيه الشتائم له، في مشاهد أثارت استياء واسعاً في الأوساط المحلية الدرزية.
وعدّت المصادر المحلية «ما فعله (الحرس الوطني) تصرفات خطيرة»؛ «لأن عائلتَي المتني وأبو فخر من العوائل (الدرزية) الكبيرة»، وأضافت: «إذا حصلت ردود فعل بمقابلة العنف بالعنف، فهناك مخاوف من جر المحافظة إلى فتنة»، في إشارة إلى أن تلك الاعتقالات يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب أهلية درزية – درزية.
مدير أمن مدينة السويداء سليمان عبد الباقي يقول إن الحكومة ستحاسب كل من ارتكب الانتهاكات في المحافظة، ويتساءل: ما النصر الذي حققه الهجري الذي يخوِّن كل من يتعامل مع الدولة وهو غير قادر على تأمين مستلزمات الأهالي؟ pic.twitter.com/Apw6NxA0wg
— سوريا الآن – أخبار (@AJSyriaNowN) October 25, 2025
رواية «الحرس الوطني»
في المقابل، أصدر المكتب الإعلامي لـ«الحرس الوطني»، بياناً نشره في حسابه على «فيسبوك»، تحدث فيه عن «معلومات مؤكدة وموثوقة» تكشف عمّا سماها «مؤامرة دنيئة وخيانة عظمى»، تورّطت فيها مجموعة ممن وصفهم بـ«المتخاذلين والعملاء» بالتنسيق مع الحكومة السورية وبعض الأطراف الخارجية.

وذكر البيان أن هذه «المؤامرة» كانت تهدف إلى «تنفيذ خرق أمني داخلي خطير يمهّد لهجوم يستهدف أعراضنا ونساءنا وأطفالنا وأرضنا الطاهرة، مقابل حفنة من الأموال الملوثة بالخيانة».
وبعدما أشار البيان إلى أنه «تم كشف خيوط المؤامرة كاملة، وتحديد المتورطين والمشتبه بهم»، أشار إلى تنفيذ «عملية دقيقة وسريعة وحاسمة»، أسفرت عن إلقاء القبض على من وصفهم بـ«الخونة والمتآمرين».

يذكر أن أزمة السويداء انفجرت باشتباكات دامية في يوليو (تموز) الماضي، بين فصائل مسلحة درزية من جهة، ومسلحين من عشائر البدو وقوات أمن سورية من جهة أخرى. وتدخلت إسرائيل عسكرياً في الاشتباكات بزعم حماية الدروز.
وفي أعقاب تلك الأحداث، صعّد الشيخ حكمت الهجري، أحد المرجعيات الدينية الـ3 للطائفة الدرزية في سوريا، من نبرته المناهضة للحكومة في دمشق. كما صعّد الهجري، الذي يشكر إسرائيل دائماً على دعمها الدروز في سوريا، من دعواته لانفصال السويداء عن الدولة السورية، ووصل الأمر إلى رفع أتباعه علمها في ساحات وشوارع المحافظة، ومن ثم صور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك بعد تشكيل ما تسمى «قوات الحرس الوطني» من الفصائل والمجموعات الدرزية المسلحة المنتشرة في المحافظة.

وتتزامن تطورات السويداء مع تراجع الحديث عن ملف المحافظة في الأوساط السياسية الإقليمية والدولية، والانفتاح الدولي غير المسبوق على الحكم الجديد في سوريا، والزيارة التاريخية الناجحة التي أجراها الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن، حيث التقى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وسط إجماع إقليمي ودولي حيال الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ورفض دعوات الانفصال والتقسيم.
المصادر الدرزية المحلية أبدت استغرابها من الإصرار الكبير من قبل الهجري على التمسك بمواقفه، «رغم أن كل المعطيات والتطورات تؤكد انسداد الطريق أمام تحقيق مشروعه انفصال السويداء عن الدولة السورية، وكذلك اتساع الدائرة الرافضة مشروعه بشكل يومي».
وأضافت: «لا نعلم لماذا يكابر ويصرُّ على الخطأ، ومن الذي لا يسمح له بالتراجع عن مواقفه؟»، وأنه «ما من أحد يستطيع تفسير سبب هذا الإصرار على مواقف حمّلتنا خسائر كبيرة»، لافتة إلى أن الوعود التي أطلقها والآمال التي بُنيت على بياناته وتصريحاته «لم يتحقق منها شيء، في حين يتأمل الأهالي العودة إلى قراهم ومنازلهم، ويطالبونه بذلك، لكنه يرد عليهم بالرفض».
فشل وإفلاس
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة الإسرائيلية وحتى الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، «مواقفهما باتت ضد توجهه».
وفي ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية الصعبة التي فرضها الهجري وجماعته على المحافظة والأهالي، يتحدث زوار المحافظة عن تسريبات لفصائل في «الحرس الوطني» تشير إلى نيات لتوتير الأوضاع الميدانية في ريف السويداء الغربي عبر شن هجوم واسع على مواقع ونقاط قوى الأمن الداخلي التابعة للحكومة، وعن أن «هناك خطاباً كبيراً في هذا الاتجاه»، مستبعدين إمكانية «شن هجوم»، مشيرة إلى أن فصائل معينة من ضمن «الحرس الوطني» تحاول تنفيذ أعمال زعزعة.

