وصل الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى يريفان، الاثنين، في زيارة يبحث خلالها إنشاء ممر يربط أذربيجان بجيب تابع لها عبر أراضي أرمينيا، كان جزءاً من اتفاق سلام رعته واشنطن ووقعه البلدان الجاران للجمهورية الإسلامية، لكن طهران تخشى أن يتيح حضوراً أميركياً على حدودها الشمالية.
وقال بزشكيان، قبل مغادرة العاصمة الإيرانية في بداية الزيارة التي تشمل أيضاً بيلاروسيا، إن الوجود المحتمل «للشركات الأميركية في المنطقة مثير للقلق»، في تكرار لموقفه الأسبوع الماضي.
وأضاف، في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي، أنه سيبحث ذلك مع المسؤولين الأرمينيين «وسنعرب عن مخاوفنا»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ووقعت أرمينيا وأذربيجان، في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، اتفاقاً في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يرمي إلى وضع حد لعقود من النزاع بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين.
ونصّ الاتفاق على إنشاء «منطقة عبور» عبر أرمينيا تربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غرباً، على أن يُسمى «طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين». وبموجب الاتفاق، تحظى الولايات المتحدة بحقوق تطوير الممر المعروف كذلك بـ«ممر زنغزور».
وكان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، عدّ أن الممر «مؤامرة» من شأنها أن تعرّض «أمن جنوب القوقاز للخطر»، محذراً بأنه «لن يتحول إلى ممر يملكه ترمب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته».
واستبق ولايتي مغادرةَ بزشكيان إلى يريفان الاثنين بنشر تحذير على منصة «إكس»، وقال: «لن نسمح بالمقايضة على أمننا القومي». واستخدم هاشتاغات: «ألاسكا وأوكرانيا والقوقاز»، في إشارة واضحة إلى اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا الجمعة الماضي.
وتوالت المواقف الإيرانية المنددة بمشروع «ممر تريب (طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين)، منذ الإعلان عن الاتفاق بين باكو ويريفان. وقال مسؤولون ونواب إيرانيون إن مشروع «ممر زنغزور» لا يمكن عدّه قضية عابرة، «بل يمثل خطاً أحمر يتعلق بأمن الحدود والسيادة الإقليمية». وحذروا بأن الوجود الأميركي، حتى تحت غطاء شركات خاصة، يشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي، وبأنه قد يفتح الباب أمام أزمات جديدة في القوقاز والشرق الأوسط، داعين إلى تحرك دبلوماسي وتنسيق ثلاثي مع روسيا وتركيا لمواجهة تبعاته.
وسبق لإيران أن عارضت هذا المشروع خشية أن يقطع اتصالها بأرمينيا وبقية دول القوقاز، ويؤدي إلى نشر قوات أجنبية معادية قرب حدودها.
وكان بزشكيان حذّر في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، الأسبوع الماضي، «من الإجراءات المحتملة للولايات المتحدة، التي قد تسعى من خلالها إلى الهيمنة في منطقة القوقاز تحت ستار الاستثمارات الاقتصادية وضمانات السلام».
وقبل الاتصال، قلل بزشكيان من حدة الانتقادات الإيرانية. وقال الأسبوع الماضي: «يجب أن أقول إنه ليس كما صوّرته الأخبار. وفقاً لما ذكره وزير الخارجية، فقد تمت مراعاة مطالب الجمهورية الإسلامية». وأضاف بزشكيان: «أُخذ الحفاظ على الوحدة الإقليمية، وضمان اتصالنا بأوروبا، وعدم إغلاق طريق إيران نحو الشمال (وهو من أولويات النظام) في الحسبان». وأشار إلى أن «القلق الوحيد هو أن شركة أميركية، بالتعاون مع شركة أرمينية، تعتزمان تنفيذ هذا المشروع».
وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأحد، إن المسألة «حساسة»، مشيراً إلى أن ما يثير قلق طهران بالدرجة الأولى هو أن يؤدي المشروع الى «تغييرات جيوسياسية في المنطقة».
ونقلت عنه وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية قوله إن المسؤولين في يريفان «أكدوا لنا أن أي قوات أميركية… أو شركات أمنية أميركية لن تنتشر في أرمينيا بذريعة هذا الاتفاق».
والأسبوع الماضي، أعلن عراقجي رفض طهران أي تغييرات في الحدود الدولية. وقال إن «موضوع الممر قد تم التخلي عنه بالكامل، وما يجري الحديث عنه الآن هي طريق عبور على الأراضي الأرمينية، تخضع لسيادة أرمينيا وسلطتها القضائية، وينفذها – وفق المعلومات – ائتلاف من شركة أميركية وأخرى أرمينية مسجلة في أرمينيا وتعمل وفق قوانينها». وقال: «حتى الآن، احتُرمت مواقفنا المبدئية، لكن الوجود المحتمل لشركة أميركية يثير القلق، وسنواصل التشاور ومتابعة التطورات من كثب».