قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف في مقابلة مع “الشرق”، الأحد، إن احتمالية تجدد المواجهات العسكرية مع الهند لا تزال قائمة، مؤكداً استعداد بلاده للرد على أي تصعيد.
وأوضح آصف أن باكستان لا تسعى لبدء صراع جديد في جنوب آسيا، مرحّباً في الوقت ذاته بأي جهود لإيجاد أرضية مشتركة للحل بين إسلام آباد ونيودلهي، وهي رغبة تشترك فيها بلاده مع الولايات المتحدة ودول أخرى تسعى لإنهاء هذا النزاع، متمنياً أن “لا يتم تضييع جهودهم”.
وشدد وزير الدفاع الباكستاني على أهمية الحفاظ على جهود السلام في المنطقة، ومعالجة القضايا العالقة مع الهند الممتدة منذ عقود، قائلاً: “نريد سلاماً دائماً هنا”. لكنه حذر في الوقت نفسه من إمكانية اندلاع الحرب مجدداً بسبب عدة خلافات، وهي القضايا ذاتها التي تسببت في اندلاع “خمسة نزاعات سابقة” بين البلدين.
وأكد آصف أن باكستان جاهزة لمواجهة أي تجدد للصراع مع الهند، محذراً نيودلهي من أي خطوات تصعيدية، وداعياً المجتمع الدولي إلى التدخل لتسوية الملفات العالقة بين الجارتين.
وأشار وزير الدفاع الباكستاني إلى اتفاق تقاسم مياه الأنهار مع الهند، محذراً بشكل صريح من أي محاولة للمساس به، مؤكداً أن ذلك “غير مقبول إطلاقاً”، وأن أي تحرك من جانب الهند في هذا الملف “قد يؤدي إلى اندلاع الحرب مجدداً”.
“نستخدم مقاتلات صينية وأميركية وفرنسية”
ورد وزير الدفاع الباكستاني على التقارير الهندية التي تزعم أن الصين دعمت باكستان في الحرب الأخيرة، قائلاً إن “الصين أصدقاؤنا منذ زمن طويل، ونحن حلفاء مقربون، ومعظم العتاد العسكري الذي نملكه صيني الصنع”.
وأوضح أن باكستان تستخدم مقاتلات صينية من طراز JF-10 وJF-17، إلى جانب مقاتلات F-16 الأميركية و”ميراج” الفرنسية، إضافة إلى أسلحة ومعدات من مصادر متعددة، لكنه أكد أن الصين تظل المورد الرئيسي للقوات البحرية والجوية والبرية الباكستانية.
وشدد الوزير على أنه لم يكن هناك أي تدخل من الصين أو غيرها في الصراع مع الهند، لافتاً إلى أن نيودلهي بدورها تعتمد على معدات عسكرية من مختلف أنحاء العالم. ووصف الادعاء بأن الصين ساعدت باكستان في الحرب بأنه “حجة سخيفة للغاية”.
وفيما يتعلق بالتقارير حول شراء باكستان مقاتلات J-35 الشبحية من الصين، قال آصف: “يجب علينا أن نكون مستعدين لمواجهة أي تحديات مستقبلية، وعلينا الحصول على أحدث المعدات المتاحة في السوق”.
وأضاف: “الصين هي المورد الأساسي لنا، وإذا كانت مقاتلات J-35 متوفرة، ونحن نتمنى ذلك، فبالتأكيد سنقوم بضمها إلى قواتنا الجوية، فهذا أمر لا شك فيه”.
وتحدث وزير الدفاع الباكستاني عن قوة العلاقات بين بلاده والصين، قائلاً: “لدينا علاقات متعددة الأبعاد مع الصين، لا تقتصر فقط على التعاون العسكري والمعدات الدفاعية. الصين ساعدتنا أيضاً دبلوماسياً”.
وأكد أن العلاقات بين البلدين قوية منذ 7 عقود، مضيفاً: “علاقاتنا مع الصين ممتازة، ولدينا أيضاً علاقات جيدة مع الولايات المتحدة”.
“دور أميركي محوري في إنهاء الحرب”
ووصف وزير الدفاع الباكستاني الدور الأميركي في الحرب الأخيرة مع الهند بأنه كان محورياً، إلى جانب أدوار دول صديقة وجارة أخرى، لكنه وصف دور الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ”النشط” في إنهاء الصراع.
مع ذلك، حذر الوزير من خطورة القضايا العالقة بين الهند وباكستان رغم توقف القتال بسرعة، موضحاً أن سبب ذلك هو “غياب الحل النهائي” بين البلدين.
وانتقد الحكومة الهندية واصفاً إياها بـ”المتطرفة” التي “تستهدف حتى الأقليات داخل الهند”، مضيفاً أن باكستان “لا ترى أي جهود حقيقية من الحكومة الهندية لتحقيق السلام خلال الشهرين الماضيين، فالمشكلات لا تزال قائمة”.
وشدد على ضرورة أن تقرر الهند “أي حكومة تريدها وأي سلام تسعى إليه”، مؤكداً أن باكستان “ترغب في السلام دون شك، إلى جانب حل القضايا العالقة منذ عام 1948، وأولها قضية كشمير، وأحدثها ملف المياه”.
وأشار الوزير إلى أن هناك شعوراً باحتمالية اندلاع صدام جديد، مؤكداً أنه لا يستبعد ذلك في ظل عدم حل هذه الملفات.
“التعاون مع الصين استراتيجي وأميركا تتفهم ذلك”
ويرى وزير الدفاع الباكستاني أن الولايات المتحدة تدرك طبيعة العلاقات بين باكستان والصين، مؤكداً أن بكين “تلعب دوراً محورياً في المنطقة”، وأن هذه العلاقة “ليست موجهة ضد أي طرف فيها”.
وأشاد آصف بالتعاون الاقتصادي القوي بين باكستان والصين، والذي يتيح لبلاده الحصول على المعدات العسكرية اللازمة، واصفاً الصين بأنها “صديق رائع ودائم”، رغم وجود بعض الخلافات في العلاقات بين بكين وواشنطن.
كما شدد على الدور “الإيجابي” الذي تؤديه الصين في المنطقة، سواء من خلال منظمة شنغهاي للتعاون أو غيرها من الأطر الإقليمية، مؤكداً أن التعاون الاقتصادي مع بكين “استراتيجي”، وأن الولايات المتحدة “تتفهم ذلك”.
“وقفنا مع إيران في حربها مع إسرائيل”
وشدد الوزير على أن بلاده “ترغب في العيش بسلام، ولا تريد إنفاق ميزانياتها على التسلح”، مضيفاً: “نريد السلام، وفي الوقت نفسه نسعى لحل هذه المشكلات مع الهند”.
وأشار إلى أن باكستان تحدها أربع دول هي الصين والهند وإيران وأفغانستان، موضحاً أن علاقاتها مع الصين “جيدة جداً”، وكذلك مع إيران، قائلاً إن باكستان وقفت إلى جانب إيران “الشقيقة والجارة” مثل “الصخرة” في حربها الأخيرة ضد إسرائيل.
وفيما يخص أفغانستان، تطرق آصف إلى مشكلة “طالبان باكستان” التي تمتلك قواعد هناك وتشن هجمات ضد بلاده، مؤكداً أن إسلام آباد تعمل على حل هذه القضية عبر التفاوض منذ خمس سنوات.
كما شدد وزير الدفاع على أن بلاده “لا ترغب في الإنفاق الكبير على الدفاع، لكن الدفاع يظل أمراً حيوياً”، مشيراً إلى أن “باكستان لديها جار (الهند)، خاضت معه خمس صراعات كبرى”.
وأضاف: “على أراضي الهند توجد جماعتان أو ثلاث جماعات إرهابية تنشط ضدنا، ونفذت عمليات حتى في أميركا وكندا”، معتبراً أنه “في مثل هذه البيئة، يجب أن نكون مستعدين دائماً”.
“لا حل سوى بإقامة دولة فلسطينية”
واعتبر وزير الدفاع الباكستاني أن الصراع في الشرق الأوسط يمثل “مصدر الصراعات الحالية”، مشيراً إلى أنه لن ينتهي إلا من خلال “إقامة دولة فلسطينية مستقلة، تتمتع بسيادة كاملة”.
ووصف الوضع في غزة بأنه “مذبحة مستمرة منذ عامين”، مديناً “الإبادة الجماعية” التي يتعرض لها سكان القطاع، واعتبر أن إسرائيل “غير مستعدة لسماع المجتمع الدولي، والذي يتفق على حل الدولتين”.
ووصف الحكومة الإسرائيلية بـ”المتطرفة”، مشيراً إلى أن العالم يكتفي بالمشاهدة، مع وجود جهود محدودة من الدول الغربية، وكذلك من دول إسلامية، لوقف هذه الكارثة.
“علاقات قوية مع الدول العربية والخليجية”
ووصف وزير الدفاع الباكستاني علاقات بلاده مع الدول العربية والخليجية بأنها “جيدة”، مشيراً إلى أن العلاقات مع السعودية “قوية وتقليدية”، لافتاً إلى وجود 3 ملايين باكستاني يعملون في المملكة. مضيفاً أن الرياض دعمت إسلام آباد في أوقات صعبة للغاية.
كما أشاد بـ”العلاقات الوثيقة مع الإمارات”، حيث يعمل عدد كبير من الباكستانيين هناك أيضاً، وأشار إلى العلاقات القوية مع كل من قطر والبحرين والكويت.
وفي ختام المقابلة، أكد الوزير أن “هذه الدول وقفت إلى جانب باكستان في الأوقات الصعبة، ولا شك في متانة علاقاتنا معها”.