اجتمع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الاثنين، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت عبَّرت فيه أوثق حليفة لإسرائيل عن قلقها إثر الغارات الجوية على قطر التي تهدد بنسف المحاولات المتعثرة للتوصل إلى هدنة في غزة.
وخلال مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع، قال نتنياهو إن إسرائيل لا تملك حليفاً أفضل من الولايات المتحدة وإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب جعل العالم أفضل وهو أعظم صديق لإسرائيل، مشيراً إلى أن زيارة وزير الخارجية الأميركي «رسالة واضحة مفادها أن أميركا تقف إلى جانب إسرائيل في مواجهة الإرهاب».
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي: «ملتزمون بإعادة الرهائن من غزة وعلينا أن نهزم (حماس)».
وتابع: «قرارنا قصف قادة حماس في قطر كان قرارا إسرائيليا مستقلا ونتحمل المسؤولية الكاملة عن الهجوم».

من جانبه، قال روبيو: «صداقتنا مع إسرائيل تتجاوز السلام إلى التكنولوجيا والاقتصاد، مشيرا أنه لا يمكن لحماس مواصلة العمل المسلح وتهديد السلام والاستقرار».
وأضاف: «الرئيس ترمب ملتزم بذلك»، مشيراً إلى أن بلاده ستشجع قطر على مواصلة لعب دور بناء بشأن غزة، وأشار أنه على «حماس» تسليم سلاحها والاستسلام مضيفا: «نحن ماضون قدما لتحقيق هذا الهدف».
وأكد وزير الخارجية الأميركي: «(حماس) يجب أن تنتهي كجهة مسلحة تهدد استقرار المنطقة ولا فرصة للسلام دون ذلك».
وحدّد روبيو موعد هذه الزيارة التضامنية قبل أسبوع من موعد انعقاد قمة بمبادرة فرنسية – سعودية في الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي ندد به نتنياهو.
وبوغتت إدارة الرئيس دونالد ترمب الأسبوع الماضي، بالهجوم الإسرائيلي على قطر التي تضم أكبر قاعدة جوية أميركية في المنطقة، والذي كان الهدف منه اغتيال قادة الصف الأول لحركة «حماس» المجتمعين لمناقشة مقترح أميركي جديد لوقف إطلاق النار في القطاع.
ورغم أن ترمب كان على مدى سنوات من أشد المدافعين عن نتنياهو، فإنه جدّد الأحد، إبداء دعمه لقطر.
وقال ترمب للصحافيين: «قطر حليف رائع جداً. لذا على إسرائيل والآخرين أن يكونوا حذرين. عندما نهاجم الناس، علينا أن نتوخى الحذر».
من جهته، أشار نتنياهو خلال أدائه الصلاة برفقة روبيو أمام الحائط الغربي في القدس، الأحد، إلى أن التحالف مع الولايات المتحدة لم يكن يوماً أقوى مما هو عليه الآن.
ومع أن ترمب أعرب عن امتعاضه بسبب الضربة غير المسبوقة التي شنتها إسرائيل في 9 سبتمبر (أيلول) على الدوحة، وتأكيد روبيو، السبت، قبل توجهه إلى إسرائيل، أن ترمب «ليس سعيداً» بالضربة، فإن الوزير أوضح أن هذا الاختلاف «لن يغيّر طبيعة علاقتنا بالإسرائيليين».
وأضاف روبيو أنه سيبحث مع نتنياهو الخطط العسكرية الإسرائيلية للسيطرة على مدينة غزة، أكبر المراكز الحضرية في القطاع المدمَّر، إضافةً إلى حديث حكومته عن ضم أجزاء من الضفة الغربية في محاولة لإجهاض قيام دولة فلسطينية.

وأكد روبيو أن ترمب يريد لحرب غزة «أن تنتهي» بإعادة الرهائن الذين خُطفوا في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وإنهاء التهديد الذي تمثله حركة «حماس».
وقال: «جزء مما سنناقشه خلال هذه الزيارة هو كيف تؤثر أحداث الأسبوع الماضي في قطر على ذلك».
«العاصمة الأبدية»
خلافاً للقوى الأوروبية، أحجمت الولايات المتحدة عن ممارسة ضغوط على إسرائيل لإنهاء الحرب والحيلولة دون تفاقم الأزمة الإنسانية المستفحلة أصلاً في القطاع المحاصر الذي تحول إلى أنقاض.
بعد صلاته عند الحائط الغربي (حائط البراق)، أقدس موقع يمكن لليهود الصلاة فيه، نشر روبيو، وهو كاثوليكي متدين، أن زيارته تعكس إيمانه بأن القدس هي «العاصمة الأبدية» لإسرائيل.
حتى الولاية الأولى لترمب، كانت القيادات الأميركية تتجنب إطلاق مثل هذه التصريحات العلنية المؤيدة لسيادة إسرائيل على القدس التي تحتل شطرها الشرقي، إذ حاولت الولايات المتحدة تاريخياً إظهار الحياد بشأن وضع الموقع المقدس الذي يشمل أيضاً المسجد الأقصى، وهو من أهم المقدسات الإسلامية، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

واتّخذ ترمب خطوة تاريخية بنقل السفارة الأميركية إلى القدس خلال ولايته السابقة، في قرار ناقض الإجماع الدولي بعدم الاعتراف بالقدس كاملةً عاصمةً لإسرائيل.
من جانبها، اعتبرت حركة «حماس»، في بيان، أن زيارة روبيو للحائط الغربي الذي هو «جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك؛ اعتداء صارخ على قدسية المسجد» الواقع أعلاه «وانتهاك سافر للوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس المحتلة».
نفق مثير للجدل
ومن المقرر أن يحضر روبيو، الاثنين، حفل تدشين نفق مخصص للزوار يمر أسفل حي سلوان الفلسطيني وصولاً إلى مواقع يهودية قريبة من المسجد الأقصى.
وقد أثار المشروع مخاوف بين السكان الفلسطينيين من أن يؤدي إلى التضييق عليهم وربما تعريض الأسس الهيكلية لمنازلهم للخطر.
وقال فخري أبو دياب (63 عاماً)، وهو متحدث باسم سكان الحيّ الفلسطيني الملاصق للمسجد الأقصى وأسوار البلدة القديمة، إن «الأحرى بروبيو أن يأتي ليرى المنازل -ومنها منزله- التي هدمتها إسرائيل»، فيما يعده الفلسطينيون حملة ممنهجة لطمس وجودهم في المدينة المقدسة.
وأضاف: «بدلاً من الوقوف إلى جانب القانون الدولي، تسير الولايات المتحدة في طريق المتطرفين واليمين المتشدد وتتجاهل تاريخنا».
رداً على سؤال بشأن الزيارة، قلّل روبيو من أبعادها السياسية، وقال، السبت: «إنه أحد أهم المواقع الأثرية في العالم»، إلا أن الفلسطينيين وأطرافاً حقوقية ودولية يعارضون هذه المواقف لأنها تضفي طابعاً شرعياً على المزاعم الإسرائيلية في السيادة على القدس الشرقية التي ضمَّتْها بعد احتلالها عام 1967.

 
									 
					