قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الخميس، إن طهران ملتزمة بمعاهدة حظر الانتشار النووي واتفاق الضمانات، وذلك غداة مصادقة الرئيس مسعود بزشكيان على قانون أقره البرلمان لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واتهمت إيران الوكالة التابعة للأمم المتحدة بالانحياز للدول الغربية وبتوفير المبرر للغارات الجوية الإسرائيلية، التي بدأت في اليوم التالي لتصويت مجلس محافظي الوكالة على قرار ينص على أن إيران لا تفي بالتزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وينص القانون على أن أي عملية تفتيش مستقبلية تجريها الوكالة للمواقع النووية الإيرانية ستتطلب موافقة مجلس الأمن القومي الأعلى في طهران.
وقال عراقجي عبر منصة «إكس»: «تعاوننا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيتم عبر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لأسباب واضحة تتعلق بالسلامة والأمن».
Fake news. Iran remains committed to the NPT and its Safeguards Agreement. In accordance with the new legislation by Majlis, sparked by the unlawful attacks against our nuclear facilities by Israel and the U.S., our cooperation with @iaeaorg will be channeled through Iran’s… https://t.co/i1995s6Z6m
— Seyed Abbas Araghchi (@araghchi) July 3, 2025
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان: «نحن على علم بهذه التقارير. وتنتظر الوكالة معلومات رسمية إضافية من إيران».
وكان عراقجي يرد على منشور من وزارة الخارجية الألمانية انتقدت فيه الخطوة الإيرانية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن غيزه، إن خطوة إيران بتعليق التعاون مع الوكالة الذرية تعد «إشارة كارثية». وأضاف أن القرار «يزيل أي إمكان للرقابة الدولية على البرنامج النووي الإيراني، وهو أمر حاسم للتوصل إلى حل دبلوماسي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عراقجي قوله إن «الدعم الألماني الصريح لقصف إيران قد كرس فكرة أن النظام الألماني لا يحمل أي شيء سوى الخبث تجاه الإيرانيين».
وفي وقت لاحق، أعلن نائبان في البرلمان الإيراني عن طرد وشيك لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إيران.
وقال النائب المتشدد، أمير حسين ثابتي على منصة «إكس»: «بجهود ومتابعة نواب البرلمان مع منظمة الطاقة الذرية، سيتم قريباٌ طرد الجواسيس المتبقين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران». وكرر النائب محمود نبويان ما كتبه ثابتي أيضاً.
تبادل انتقادات
وذلك بعد أن وجّه مساء الأربعاء انتقادات لمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في أعقاب مكالمة هاتفية بينهما مساء الثلاثاء. وقالت كالاس بعد المكالمة: «يجب استئناف المفاوضات لإنهاء البرنامج النووي الإيراني في أقرب وقت ممكن».
وذكرت في منشور على منصة «إكس» أن التعاون مع الوكالة الذرية «يجب أن يُستأنف»، وأن الاتحاد الأوروبي مستعد لتسهيل ذلك، وأضافت: «أي تهديدات بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي لا تُساهم في تخفيف التوتر».
وقال عراقجي: «طلب إنهاء البرنامج النووي الإيراني، كما ورد على لسان كالاس، يتعارض مع بنود البروتوكول الإضافي، الذي يمنح الدول الأعضاء في معاهدة عدم الانتشار النووي الحق في تخصيب اليورانيوم واستخدام التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية».
ويلعب الاتحاد الأوروبي دور المنسق في اللجنة المشتركة الخاصة بتنفيذ الاتفاق النووي لعام 2015.
وفي هذا الشأن، قال عراقجي: «إذا كان منسق اللجنة المشتركة للاتفاق النووي يعتقد أن الهدف من أي مفاوضات محتملة هو إنهاء البرنامج النووي الإيراني، فإن ذلك يعني أن السيدة كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، تتجاهل بشكل صريح نصوص معاهدة عدم الانتشار النووي».
وأضاف: «أحكام القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن، وكذلك الاتفاق النووي نفسه، لن يعود لهما أي اعتبار أو مصداقية لدى المنسق الرسمي، ومن ثمّ تصبح آلية (سناب باك) للعودة التلقائية للعقوبات بلا أساس قانوني أو سياسي».
وتابع: «مشاركة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، بالإضافة إلى المملكة المتحدة، في أي مفاوضات مستقبلية ستكون غير ذات صلة، ومن ثمّ بلا معنى».
في واشنطن، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، في إحاطة صحافية دورية الأربعاء، أن إيران يجب أن تتعاون تعاوناً كاملاً مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة من دون أي تأخير.
وقالت: «سنستخدم كلمة غير مقبول، أي أن إيران اختارت تعليق تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية في وقت تتاح لها فيه فرصة لتغيير مسارها واختيار طريق السلام والازدهار». وأضافت أن إيران كانت، قبل الغارات الأميركية الناجحة، تكدّس مخزوناً متزايداً من اليورانيوم عالي التخصيب، «وهو ما لا يمكن تفسيره على أنه يُستخدم لأغراض سلمية».
ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر المجتمع الدولي إلى «التحرك بحزم» لوقف البرنامج النووي الإيراني، وحث ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على «إعادة فرض جميع العقوبات» بموجب آلية «سناب باك»، مشدداً على ضرورة استخدام «جميع الوسائل المتاحة» لردع طهران.
محادثات مرتقبة بأوسلو
في الأثناء، أفادت مصادر إسرائيلية بأن الولايات المتحدة دخلت في اتصالات متقدمة مع إيران بهدف استئناف المحادثات النووية المتوقفة، وسط ترجيحات بعقد الجولة السادسة من المفاوضات الأسبوع المقبل في العاصمة النرويجية أوسلو.
وتأتي هذه التحركات بعد مضي أكثر من أسبوع على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وذلك في أعقاب حرب الـ12 يوماً.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعربت طهران عن شكوكها إزاء استئناف قريب للمحادثات مع واشنطن، مشددة على أن استئناف الحوار مشروط بالحصول أولاً على ضمانات أميركية بعدم تكرار الهجمات العسكرية ضدها.
وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة بعد ضربات عسكرية استهدفت منشآت نووية، وسط تمسك طهران بشروط للعودة إلى التفاوض، وتخوف دولي من تفاقم الأزمة وتأثيرها على أمن المنطقة واستقرارها.
وقال عراقجي، الاثنين، لشبكة «سي بي إس» الأميركية: «البدء بأي مفاوضات جديدة يتطلب أولاً التأكد من أن الولايات المتحدة لن تستهدفنا عسكرياً خلال فترة التفاوض»، مضيفاً: «أبواب الدبلوماسية لن تغلق».
وصرّح عراقجي بأن القصف الأميركي لموقع فوردو النووي الإيراني «ألحق أضراراً جسيمة وفادحة» بالمنشأة، وأضاف: «لا أحد يعرف بالضبط ما الذي حدث في فوردو، غير أن ما نعرفه حتى الآن هو أن المرافق تعرّضت لأضرار جسيمة وفادحة».
قنوات اتصال مفتوحة
من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين: «لا أقدّم شيئاً» لإيران، و«لا أتفاوض معها».
وأفادت القناة الـ«12» الإسرائيلية بأن المباحثات تجري عبر قناة اتصال بين المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي.
ونقلت القناة عن مصادر مطلعة أن إسرائيل أبلغت بتفاصيل هذه الاتصالات قبل عدة أيام. وأضافت أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، أجرى اجتماعات في واشنطن مع كبار مسؤولي البيت الأبيض، تركزت على الملف الإيراني و«الخطوط الحمراء» التي تصر تل أبيب على تضمينها في أي اتفاق نووي جديد، وعلى رأسها الرقابة الصارمة على المواقع النووية الإيرانية، ومنع أي مستوى من تخصيب اليورانيوم.
وتأتي هذه التطورات قبل أيام من زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، حيث يتوقع أن تتصدر القضية النووية الإيرانية جدول أعمال محادثاته مع المسؤولين الأميركيين.
ضربات أميركية مركزة
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الأربعاء، إن الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة قبل عشرة أيام على منشآت نووية إيرانية، قد أعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء بما يصل إلى عامين، في مؤشر على أن العملية العسكرية ربما حققت أهدافها، رغم تقييمات أولية أكثر تحفظاً جرى تسريبها في وقت سابق.
وصرح المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في إفادة صحافية، بأن التقدير الرسمي يشير إلى أن «البرنامج تراجع بما يتراوح بين عام إلى عامين»، مضيفاً أن هذه التقديرات تستند إلى معلومات استخباراتية داخل وزارة الدفاع، دون تقديم أدلة ملموسة.
وأضاف: «تشير جميع البيانات الاستخباراتية التي اطلعنا عليها إلى أن المنشآت الإيرانية قد دُمرت بالكامل».
وكانت الولايات المتحدة قد نفذت، في 22 يونيو (حزيران)، ضربات جوية استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية، باستخدام قاذفات شبح أسقطت أكثر من 12 قنبلة خارقة للتحصينات تزن 13.600 كيلوغرام، إلى جانب أكثر من 20 صاروخاً موجهاً من طراز «توماهوك».
وتخضع نتائج هذه العملية لرقابة وتحليل مكثفين من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية، لتقييم مدى تأثيرها الفعلي على القدرات النووية الإيرانية، خصوصاً في ظل تصريح الرئيس دونالد ترمب بأن «البرنامج النووي الإيراني تم القضاء عليه بالكامل».
يُذكر أن مثل هذه التقديرات الاستخباراتية عادةً ما تستغرق أسابيع أو أكثر للوصول إلى نتائج مؤكدة.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، رافائيل غروسي، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن إيران قد تتمكن من إنتاج اليورانيوم المخصب خلال بضعة أشهر فقط، ما أثار تساؤلات بشأن مدى فاعلية الضربات الأميركية في تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل.
وفي السياق ذاته، حذر عدد من الخبراء من أن إيران ربما كانت قد نقلت، قبل الضربات الجوية، جزءاً من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب – بدرجة تقترب من المستوى اللازم لصنع أسلحة نووية – من منشأة «فوردو» الواقعة في عمق الجبل، وقد تكون حالياً تخفيه في مواقع غير معلنة.