احتل الأمير فهد موقعا رمزيا في ملحمة استرداد الرياض وفتح قصر المصمك
كانت مسيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود نحو توحيد المملكة طويلة مليئة بالصعاب والتحديات بدءاً من خروجه مع عائلته إلى الكويت، ومطاردتهم من ابن رشيد وعماله، لكن رجالا أوفياء ومخلصين خاضوا التحديات ووقفوا معه إلى أن عاد ووحد المملكة، وبعضهم راح شهيداً في سبيل الطريق، ومن هؤلاء الأمير فهد بن جلوي بن تركي آل سعود.
مولده ونشأته
وُلد الأمير فهد بن جلوي بن تركي آل سعود بالرياض سنة 1869م، وتعلّم أصول الفروسية والرماية منذ طفولته مثل كثير من أبناء العائلة الحاكمة، عُرف عنه حبّه للفروسية وشجاعته منذ الصغر، ولقب بـ “راعي الشلفا” نسبة إلى رمحه “الشلفا” الشهير الذي ظل أثره محفورًا في باب حصن المصمك حتى اليوم، وكان ملازماً لعمّه الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود وأسرته خلال ترحال الأسرة وانحسار الدولة السعودية الثانية.
عاش الأمير فهد الهجرة الطويلة عقب أحداث سقوط الرياض بيد آل رشيد، وارتبط بعمق بمسيرة توحيد الدولة السعودية الثالثة، وأصبح أحد الرجال المعدودين الموثوقين عند الملك عبدالعزيز، وكان في طليعة مَن خرجوا من الكويت صوب الرياض بهدف استردادها سنة 1902م.
دوره في توحيد المملكة
يحتل الأمير فهد موقعا رمزيا في ملحمة استرداد الرياض وفتح قصر المصمك، فقد كان من بين السبعة الذين تقدموا الهجوم ليلة المصمك، واشتهر برمحه “الشلفا” الذي رماه قاصداً قتل عجلان عامل ابن رشيد، ولم يصبه فاستقرت في الباب الحصن، وبقيت إلى اليوم دليلاً مادياً على بطولته وشجاعته.
بعد دخول الرياض، استمر الأمير فهد في مرافقة الملك عبدالعزيز في العديد من الحملات والمعارك حتى استشهاده سنة 1902م بعد أشهر قليلة من فتح الرياض، عندما أغار مع قوات الملك عبدالعزيز على بادية قحطان في حلبان، واستشهد في المعركة، فكان استشهاده ثمنًا لوحدة البلاد التي سعى لها الملك عبدالعزيز.
علاقته بالملك عبدالعزيز
كان للأمير فهد بن جلوي مكانة مرموقة لدى الملك عبدالعزيز، وكان يَعدَّه أحد أبرز المستشارين وذوي الرأي؛ لأنه امتاز بالتخطيط والرؤية البعيدة بجانب إقدامه وشجاعته وارتباطه الوثيق بالميدان، وظلّ حتى آخر لحظاته وفياً للملك، ومثالاً يحتذى به في الفداء والتضحية، فحظي بمحبة خاصة لدى المؤسس وثناء المؤرخين.
الوفاة
استشهد الأمير فهد بن جلوي في معركة حلبان عام 1321هـ/ 1902م، عن عمر ناهز السادسة والثلاثين، بعد أن ترك إرثًا من الشجاعة والفروسية والأخلاق النبيلة، وخلّف من الأبناء عبدالله ومتعب وجلوي وحصة، الذين ساروا هم وأحفادهم على دربه في خدمة الوطن.