شهدت فرنسا، الخميس، موجة من الإضرابات في قطاع النقل طالت بشكل خاص مترو باريس، فيما نُظمت احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد، رفضاً لخطة خفض الإنفاق، التي تعتبرها الحكومة “ضرورية للسيطرة على العجز والدين العام الضخم”، حسبما نقلت صحيفة “لوموند”.
وشهدت مدينة نانت (وسط فرنسا) مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن، التي أطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، وفي ليون، اندلعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة.
وتضغط النقابات العمالية الكبرى، التي دعت إلى الإضرابات، من أجل التخلي عن مقترحات تقشفية تشمل خفض الإنفاق الاجتماعي وتجميد برامج الرعاية، وهي إجراءات يرى معارضوها أنها ستزيد تراجع القدرة الشرائية للعمال ذوي الدخل المنخفض والطبقة الوسطى، وقد كانت السبب في سقوط حكومات سابقة حاولت فرضها.
وقالت السلطات إنها ألقت القبض على 99 شخصاً في جميع أنحاء البلاد، فيما قالت شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية SNCF إنه من المتوقع حدوث “بعض الاضطرابات” في حركة القطارات السريعة داخل فرنسا وإلى أوروبا، وأما القطارات الإقليمية ومترو باريس وقطارات الضواحي فتأثرت بشكل أكبر، بحسب “لوموند”.
ولم تتأثر الرحلات في المطارات، بعد أن قرر اتحاد مراقبي الحركة الجوية الرئيسي تأجيل دعوته إلى الإضراب في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة.
خطة خفض الإنفاق
وتهدف الاحتجاجات والتي تشمل أيضاً قطاعات التعليم، والصناعة، وغيرها من ركائز ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، إلى زيادة الضغط على رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو، الذي عيّنه ماكرون الأسبوع الماضي، وكلفه بكسب تأييد البرلمان لخطة خفض الإنفاق التي أطاحت بأسلافه، لكن الحكومة تصر على أنها ضرورية للسيطرة على العجز والدين العام الضخم لفرنسا.
ووصفت النقابات مقترحات الموازنة بأنها “قاسية” بحق العمال والمتقاعدين والفئات الأكثر هشاشة، كما واصلت التنديد بإصلاح نظام التقاعد غير الشعبي الذي رفع سن التقاعد الأدنى من 62 إلى 64 عاماً.
فرنسا.. نشر 80 ألف شرطي
وأعلنت الحكومة نشر نحو 80 ألف شرطي في مختلف أنحاء البلاد للحفاظ على النظام خلال الاحتجاجات.
ورفع طالب لافتة أمام مدرسة ليسيه موريس رافيل الثانوية في العاصمة الفرنسية كتب عليها “أغلقوا مدرستكم الثانوية رفضا لإجراءات التقشف”.
وذكر مصدر في وزارة الداخلية أن نحو 800 ألف شخص من المتوقع أن يشاركوا في الإضرابات والاحتجاجات.
وقالت النقابات الرئيسية في البلاد في بيان مشترك: “العمال الذين نمثلهم غاضبون”، معبرين عن رفض الخطط المالية “القاسية” و”الجائرة” التي وضعتها الحكومة السابقة.
وبلغ عجز ميزانية فرنسا العام الماضي ما يقرب من ضعف الحد الأقصى المحدد من الاتحاد الأوروبي البالغ 3% ، ومع أن لوكورنو يرغب في تقليصه، سيخوض معركة سياسية لحشد الدعم البرلماني لميزانية 2026، إذ يعتمد على أحزاب أخرى لتمرير التشريعات.
وقبل أسبوع، أطاح البرلمان بسلف لوكورنو، فرانسوا بايرو، بسبب خطته لتقليص الميزانية بمقدار 44 مليار يورو، ولم يعلن رئيس الوزراء الجديد بعد عن موقفه من خطط بايرو، لكنه أبدى انفتاحا أمام تقديم تنازلات.
وقالت صوفي بينيه رئيسة نقابة الكونفدرالية العامة للشغل عقب اجتماعها مع لوكورنو في وقت سابق من الأسبوع: “سنستمر في الحشد ما لم يكن هناك رد مناسب.. الميزانية ستُحسم في الشوارع”.
وكانت فرنسا قد شهدت الأسبوع الماضي يوماً آخر من التحركات المناهضة للحكومة، امتلأت خلاله الشوارع بالدخان والحرائق، فيما أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الغاضبين من خطط خفض الإنفاق والأزمة السياسية.