بعد جدل متواصل منذ شهور، حول ملف اختطاف النساء في الساحل السوري، عقد المتحدّث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا مؤتمراً صحافياً الأحد، كشف فيه نتائج تحقيق أجرته لجنة شكلتها الوزارة لمتابعة الملف الذي أثار، ولا يزال، قلقاً في الشارع، وجدلاً حاداً على منصات التواصل الاجتماعي.
وفي أرقام صادمة، أعلن البابا، أن اللجنة «رصدت 42 حالة تغيب للنساء في اللاذقية، وطرطوس، وحمص، وحماة، وأن حالة واحدة فقط منها كانت جريمة اختطاف لفتاة تم تحريرها وعودتها سالمة إلى عائلتها».

وقال البابا إن الوزارة تابعت «باهتمام بالغ شكاوى وصلت إلى وحدات الأمن الداخلي، وانتشار أخبار عن حالات اختطاف نساء وفتيات في الساحل السوري على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصدر وزير الداخلية، في شهر يوليو (تموز) الماضي، توجيهاته لتشكيل لجنة للتحقّق من صحّة هذه الشكاوى والادّعاءات؛ إدراكاً من الوزارة لخطورة هذه الشكاوى والادعاءات، وأثرها المباشر على أمن المجتمع واستقراره».
وترأس اللجنة العميد سامر الحسين، مستشار الوزير للشؤون القانونية وحقوق الإنسان، وضمّت ممثلين عن عددٍ من الإدارات المختصة في الوزارة، على رأسها إدارة المباحث الجنائية. وقامت اللجنة، التي عملت تحت إشراف معاون الوزير للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحان، «بجمع وتدقيق وتوثيق كل ما نُشر من بلاغات أو منشورات تتحدّث عن حالات اختطاف منذ بداية العام الحالي وحتى العاشر من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وشمل عمل اللجنة، 4 محافظات هي اللاذقية، وطرطوس، وحمص، وحماة».
وقال نور الدين البابا إن «عدد ما رصدته اللجنة وتعاملت معه، بلغ 42 حالة، في ستين جلسة على مدى 3 أشهر»؛ مشيراً إلى أن «اللجنة راجعت خلالها السجلّات الرسمية التي احتوت على شكاوى ذوي الضحايا، واستمعت إلى النساء والفتيات المعنيات وذويهن، وزارت المواقع التي أُشير إليها في السجلات ومنشورات وسائل التواصل، وقد تبيّن أن 41 حالة من هذه الشكاوى لم تكن حالات اختطاف».

وجاء عرض الناطق باسم الداخلية، نتائج تحقيق اللجنة، في ظل حملات واسعة تطالب «بوضع حد للاختطاف، لا سيما اختطاف النساء في الساحل السوري»، حيث تشهد منصات التواصل الاجتماعي تدفقاً للرسائل ومقاطع الفيديو التي تنشرها عائلات المفقودات، ونشطاء، يتوسلون فيها لمعرفة أي معلومات عن المفقودات، حسب تقرير نشرته وكالة «رويترز»، في 27 يونيو (حزيران) الماضي، قالت فيه إن «ما لا يقل عن 33 امرأة وفتاة من الطائفة العلوية في سوريا» تتراوح أعمارهن بين 16 و39 عاماً، تعرضن لاختطاف أو الاختفاء عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024.
وفي تفاصيل الحالات، التي رصدتها لجنة وزارة الداخلية السورية، أوضح نور الدين البابا، أنها توصلت «إلى أن 12 حالة من 42 حالة كانت هروباً طوعياً مع شريكٍ عاطفي. و9 حالات تغيّبٍ مؤقتٍ أو قصير عند أقارب أو أصدقاء لم يتعدَّ 48 ساعة. وستّ حالات هروب من العنف الأسري. وستّ حالات ادعاء كاذب على وسائل التواصل الاجتماعي. وأربع حالات تورّط في الدعارة أو الابتزاز. وأربع حالات جرائم جنائية تم التوقيف على خلفيتها لدى الجهات المختصة. وحالة واحدة فقط ثبت فيها وقوع جرم اختطافٍ حقيقي، وقد أُعيدت الفتاة بسلام بعد متابعة الأجهزة الأمنية للقضية. وما زال البحث مستمراً للكشف عن هوية الفاعلين».

وأكد البابا أن «الوزارة تتعامل مع أي بلاغٍ أو شبهة فقدان وخطف بأقصى درجات الجدية والمسؤولية». داعياً السوريين والمجتمع المدني والمنظّمات الحقوقية إلى «مشاركة كل البلاغات والشبهات من هذا النوع مع وزارة الداخلية أولاً، وعدم الانسياق وراء الشائعات، والتأكّد من صحة أي معلومة قبل تداولها».

