اندلعت اشتباكات ومواجهات عنيفة بين قوات الأمن الداخلي السوري، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عند مدخل مدينة حلب الشمالي، الاثنين، ما أودى بحياة مدنيين وسقوط العديد من المصابين، وسط اتهامات متبادلة بانتهاك وقف إطلاق النار بين الطرفين.
وذكرت قناة “الإخبارية” السورية أن مدنيين اثنين لقيا حتفهما في قصف لقوات “قسد” على منطقة جسر الرازي في حلب، فيما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية سقوط امرأة (57 عاماً)، متأثرة بجروحها، وإصابة 17 شخصاً نتيجة استهداف أحياء الشيخ مقصود والأشرفية من قبل ما سمتهم “فصائل تابعة إلى الحكومة”.
وأفادت وزارة الصحة السورية، في بيان، بأن شاباً ووالدته لقيا حتفهما، وأصيب 8 أشخاص، بينهم طفل وطفلة، إضافة إلى اثنين من عناصر الدفاع المدني.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع أن “قيادة أركان الجيش أصدرت أمراً بإيقاف استهداف مصادر نيران قسد، بعد تحييد عددٍ منها، وتضييق بؤرة الاشتباك بعيداً عن الأهالي”.
وقالت “سانا”، إن قوات “قسد” استهدفت بالرشاشات الثقيلة، وقذائف الـ”آر بي جي”، والهاون محيط حي الأشرفية والمنطقة الممتدة من دوار شيحان حتى دوار الليرمون في مدينة حلب.
ونقلت الوكالة عن مراسلها في حلب، أن “قسد استهدفت نقاطاً لقوى الأمن الداخلي قرب دواري شيحان والليرمون انطلاقاً من مواقعها في حي الأشرفية، لافتةً إلى “إغلاق طريق غازي عنتاب – حلب من جهة دواري الليرمون وشيحان بسبب استهداف قوات قسد للطريق”.
وأشارت الوكالة إلى “خروج عشرات العائلات وعمال المصانع من محيط حي الليرمون جراء استهداف قسد المنطقة الممتدة من دوار شيحان حتى دوار الليرمون بالرشاشات وقذائف الهاون”.
بدورها، ذكرت وزارة الداخلية السورية، عبر منصة “إكس” أن “قوات قسد المتمركزة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب غدرت بقوات الأمن الداخلي المتمركزة في الحواجز المشتركة، عقب انسحابها المفاجئ وإطلاق النار على الحواجز، رغم الاتفاقات المبرمة”.
وأضافت الوزارة أن “الاستهداف أدى إلى إصابة عنصر من قوات الأمن الداخلي وعنصر من الجيش، بالإضافة إلى العديد من الإصابات بين عناصر الدفاع المدني والمدنيين”.
ودعا الدفاع المدني السوري جميع المدنيين قرب المناطق التي تشهد خروقات من قبل “قسد” في حلب وأريافها بضرورة التزام المنازل حتى إشعار آخر.
وزارة الدفاع تنفي استهداف قسد
من جانبها، قالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية، إنه “لا صحة لما تروجه قنوات قسد عن هجوم لقوات الجيش على مواقعها بحيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب”.
وأضافت أن “قسد هاجمت بشكل مفاجئ نقاط انتشار قوى الأمن الداخلي والجيش السوري بمحيط حي الأشرفية، ما أدى لوقوع إصابات بصفوف قوى الأمن والجيش”.
وأشارت إلى أن “الجيش السوري يرد على مصادر نيران قسد التي تستهدف منازل الأهالي وتحركاتهم ونقاط انتشار الجيش والأمن بمحيط حيي الأشرفية والشيخ مقصود”.
“قسد” تحمل دمشق المسؤولية
ونفت قوات سوريا الديمقراطية بـ”شكل قاطع الادعاءات الصادرة عن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لحكومة دمشق”، بشأن استهداف أحياء حلب من قبل قواتها وفق اتفاق 10 مارس.
وقالت “قسد”، في بيان، إن “الفصائل المحسوبة على دمشق تستخدم الدبابات والمدافع ضد أحياء مدينة حلب”، مضيفةً أن “التحقيق الواجب يقع على عاتق الفصائل المنقسمة التابعة لحكومة دمشق التي تفتعل الأزمات منذ 4 أشهر من خلال حصار أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، وتكرار الاستفزازات والاعتداءات على المدنيين تحت أنظار أجهزة الحكومة، رغم اتفاق 10 مارس”.
وتابعت: “ما يحدث من قصف للأحياء السكنية هو نتيجة نشاط تلك الفصائل، خاصة في غرب وشمال حلب، حيث تنطلق الصواريخ بمسارات عسكرية واضحة من نقاط تلك الفصائل باتجاه أحياء المدينة بهدف زعزعة الأمن وإثارة الفتنة”.
وذكرت أن “هذه الفصائل جلبت الدبابات والمدافع لقصف أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في تصعيد خطير يهدد حياة المدنيين واستقرار المنطقة”، وفق المركز الإعلامي لـ”قسد”.
وكانت “قسد” أفادت بأن عضوين اثنين من قوى الأمن الداخلي (التابعة لها في حلب)، أصيبا بجروح إثر هجوم نفذته فصائل مرتبطة بوزارة الدفاع في حكومة دمشق على حاجز في دوار شيحان بحلب، في استمرار واضح لنهج التصعيد المنفلت، والذي يهدد أمن المدينة وحياة المدنيين ويكشف عجز حكومة دمشق عن ضبط فصائلها”.
وأضافت عبر منصة “إكس”: “نحمّل حكومة دمشق المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات”.
وأشارت إلى أن “فصائل حكومة دمشق تشن هجوماً عنيفاً بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، بعد استهداف حاجز قوى الأمن الداخلي – حلب من قبل تلك الفصائل.. الأهالي وقوى الأمن الداخلي يواجهون الاعتداء ويتخذون كل الإجراءات لحماية أنفسهم”.
وفي مارس الماضي، توصل الطرفان إلى اتفاق برعاية الولايات المتحدة لدمج القوات التي يقودها الأكراد في المؤسسات السورية بحلول نهاية العام، بما يشمل نقل السيطرة على معابر حدودية ومطار وحقول للنفط والغاز إلى دمشق. لكن التنفيذ بطيء وسط اتهامات متبادلة بالمماطلة.
مبادرات
وتأتي الاشتباكات في وقت قال وزير الخارجية أسعد الشيباني في مؤتمر صحافي مشترك في دمشق مع نظيره التركي هاكان فيدان إن الحكومة السورية “لم تلمس مبادرة جدية” من قسد لتنفيذ اتفاق 10 مارس، مشيراً إلى أنها تماطل في تنفيذ الاتفاق الذي يقضي بدمجها في مؤسسات الدولة.
وأضاف الشيباني: “قدمنا مقترحاً لقسد للمرونة وتسلمنا ردها بالأمس وتقوم وزارة الدفاع الآن بدراسته. أي تأخر من قسد في الاندماج مع الجيش السوري سيؤثر سلباً على استقرار المنطقة الشرقية”.
بدوره، قال وزير الخارجية التركي إنه “لا نية لقسد لإحراز تقدم في اتفاق 10 مارس”، مضيفاً أن “التنسيق بينها وبين إسرائيل يؤخر التوصل لنتيجة”. وتابع: “اندماج قسد في الحكومة السورية سيكون في صالح الجميع”.

