سحبت إيران في اللحظة الأخيرة، مشروع قرار أممي يحظر الهجمات على المنشآت النووية، كانت قد طرحته إلى جانب الصين وروسيا ودول أخرى، للتصويت عليه خلال الاجتماع السنوي للدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا.
وقال سفير إيران لدى منظمات الأمم المتحدة في فيينا، رضا نجفي، أمام المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مساء الخميس، إن بلاده “قررت استرشاداً بحسن النية والمشاركة البناءة، وبناءً على طلب عدة دول أعضاء، تأجيل النظر في المشروع إلى مؤتمر العام المقبل”.
وذكر دبلوماسيون غربيون لوكالة “أسوشيتد برس”، أن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً مكثفة خلف الكواليس لمنع اعتماد القرار. وأوضحوا أن واشنطن أثارت احتمال تقليص التمويل المقدم للوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا تم تبني القرار، وإذا ما تحركت الوكالة الأممية لتقييد ما وصفته بـ”حقوق إسرائيل داخل الوكالة”.
وفي عام 1981، علقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، برنامج المساعدة التقنية لإسرائيل، بعدما استهدفت مفاعلاً نووياً في العراق. وقد أدين الهجوم حينها بشدة في قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للوكالة ومجلس محافظيها.
ويأتي سحب القرار فيما بدأت “الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، وهي الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، العد التنازلي لإعادة فرض عقوبات أممية على إيران “سناب باك”، بسبب برنامجها النووي.
طهران: لا نسعى للانقسام
واستهدفت إسرائيل منشآت إيران النووية خلال حرب الـ12 يوماً في يونيو الماضي، وانضمت إليها الولايات المتحدة من خلال قصف 3 منشآت نووية إيرانية.
وتؤكد إيران سلمية برنامجها النووي، كما أن التقارير الاستخباراتية الغربية تنفي قرب طهران من امتلاك سلاح نووي، ولكنها تواجه اتهامات بسعيها لصناعة هذا السلاح، بعد رفعها نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 60% وهي نسبة قريبة من الحد اللازم لصناعة سلاح نووي 90%، وتتجاوز الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي 3.6%.
وتضمن نص مشروع القرار الإيراني، فقرة “تدين بشدة” الهجمات “المتعمدة وغير القانونية” التي نفذت في يونيو الماضي، ضد مواقع ومنشآت نووية إيرانية، واعتبرتها “انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي”.
كما “أكد مجدداً”، أنه “على جميع الدول الامتناع عن مهاجمة أو التهديد بمهاجمة المنشآت النووية السلمية في الدول الأخرى”.
وقال السفير الإيراني، إن هدف إيران والدول المشاركة في تقديم القرار، ومنها كوبا ونيكاراجوا وفنزويلا وبيلاروس وزيمبابوي “لم يكن أبداً خلق انقسام بين الدول الأعضاء”، مضيفاً: “في قضايا بهذه الأهمية والحساسية، من الضروري أن ينقل المؤتمر العام رسالة موحدة وواضحة”.
وأضاف: “نعتقد اعتقاداً راسخاً أن صوت هذه الهيئة يجب ألا يشوه تحت وطأة الترهيب والضغط السياسي الذي تمارسه إحدى الدول المعتدية”.
وكان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، قد قال أمام المؤتمر العام للوكالة في وقت سابق من هذا الأسبوع، إنه يتوقع من الدول الأعضاء “اتخاذ الإجراءات المناسبة رداً على هذه الهجمات غير القانونية ضد المنشآت النووية”.
وأعرب سلامي، عن قلق بالغ إزاء “التهديدات الأخيرة الصادرة عن الولايات المتحدة بهذا الشأن، فضلاً عن ممارسة الضغوط السياسية على الدول واستخدام الوكالة كأداة بطرق مختلفة، بما في ذلك التأثير على ميزانيتها”.
من جهته، قال هوارد سولومون، القائم بالأعمال الأميركي والممثل الدائم بالإنابة للبعثة الأميركية لدى المنظمات الدولية في فيينا، إن مشروع القرار “قدّم صورة غير دقيقة بشكل عميق عن الأحداث الأخيرة، وشوّه القانون الدولي، واقتطع نصوصاً من النظام الأساسي للوكالة ومن وثائق أخرى اعتمدها المؤتمر العام للأمم المتحدة والوكالة، واستخدمها خارج سياقها ليصل إلى استنتاجات خاطئة”.
وأضاف سولومون، أنه “لو طُرح القرار للتصويت، لهُزم بأغلبية ساحقة”.
ويتشكل المؤتمر العام للوكالة، من ممثلين رفيعي المستوى عن الدول الأعضاء الـ180، الذين يناقشون قضايا السياسة النووية الدولية. وينعقد سنوياً في فيينا، ويقر الميزانية وينظر في قرارات تتعلق بأمن وسلامة الطاقة النووية.
إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران
ويأتي الاجتماع في وقت حساس، حيث بدأت فرنسا وألمانيا وبريطانيا إجراءات إعادة فرض العقوبات على إيران بدعوى عدم التزامها بالاتفاق النووي لعام 2015، الذي كان يهدف إلى “منعها من تطوير أسلحة نووية”.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع “القناة 12” الإسرائيلية، الخميس، إن القوى الأوروبية ستعيد على الأرجح فرض العقوبات الدولية على إيران بحلول نهاية سبتمبر الجاري، مشيراً إلى ما اعتبره “عدم جدية” طهران في محادثاتها مع الأوروبيين، فيما اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن الوقت قد حان لكي يتدخل مجلس الأمن الدولي و”يختار الدبلوماسية بدلاً من المواجهة”.
وتبدأ هذه الخطوة عداً تنازلياً مدته 30 يوماً لاستئناف العقوبات، ما لم تتوصل الولايات المتحدة و”الترويكا الأوروبية” إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران.
وقد أعربت “الترويكا الأوروبية”، عن استعدادها لتمديد المهلة إذا استأنفت إيران المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، وسمحت للمفتشين الدوليين بدخول منشآتها النووية.