قررت سلطات السنغال، السبت، نشر وحدات من الدرك الوطني على الشريط الحدودي مع دولة مالي، لمواجهة خطر تسلل جماعات إرهابية، في ظل تحذيرات أممية من توسع نفوذ الجماعات الإرهابية في أفريقيا، وبشكل خاص في منطقة الساحل، وتقارير تحذر من خطرها على الأمن في العالم.
وكانت هجمات منسقة قد استهدفت، في أوائل يوليو (تموز)، مواقع للجيش في عدة مدن غرب مالي، على الحدود مع السنغال، ومن بين المناطق التي تعرضت للهجوم بلدة ديبولي، الواقعة ضمن الشريط الحدودي مع السنغال، وعلى مسافة أقل من 500 متر من بلدة كيديرا السنغالية.
وأثارت الهجمات مخاوف السنغاليين، خصوصاً بعد تبنيها من طرف «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، والتي يسعى قادتها، بحسب محللين، إلى التوسع داخل الأراضي السنغالية.
التحذير الأممي
في غضون ذلك، حذر خبراء في تقرير قُدم إلى مجلس الأمن الدولي، وجرى تداوله، الأربعاء الماضي، حذروا من تزايد خطر «القاعدة» و«داعش» في أفريقيا، وقال الخبراء في التقرير إن «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» مستمرة في توسيع الأراضي الواقعة ضمن نفوذها، في دول الساحل الثلاث (مالي والنيجر وبوركينا فاسو).
وذهب الخبراء في التقرير إلى أن تنظيم «داعش» هو الآخر توجه نحو القارة الأفريقية بسبب الخسائر التي تكبدها في الشرق الأوسط، ولكن هنالك «مخاوف متزايدة بشأن عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى آسيا الوسطى وأفغانستان، لتقويض الأمن الإقليمي».
وشدد الخبراء على أن تنظيم «داعش» المنتشر بشكل كبير في أفريقيا، لا يزال هو «التهديد الأبرز» لأوروبا والأميركيتين، حيث يكتتب مقاتلين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة المشفرة.
ولفت التقرير إلى أن مخططات مزعومة لشن هجمات إرهابية كانت «مدفوعة بشكل كبير بصراع غزة وإسرائيل»، أو من قبل أفراد جندهم تنظيم «داعش»، حيث أشار التقرير إلى أن رجلاً أميركياً بايع «داعش»، ودهس حشداً في (نيو أورليانز) في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي؛ ما أسفر عن مقتل 14 شخصاً، في أكثر الهجمات دموية التي تنسب إلى «القاعدة» أو «داعش» في الولايات المتحدة منذ عام 2016.
كما أشار الخبراء في تقريرهم إلى أن «السلطات أحبطت هجمات، من بينها مخطط مستلهم من (داعش) لتنفيذ إطلاق نار جماعي في قاعدة عسكرية بولاية ميشيغان».
التقرير لم يتوقف عند «داعش» وحدها، وإنما أشار إلى أن منطقة الساحل الأفريقي أصبحت مسرحاً تتحرك فيه «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بحرية نسبية»، خصوصاً في شمال مالي ومعظم أراضي بوركينا فاسو، وهو ما يشكل تهديداً للأمن العالمي.
الغزو الإرهابي
في تقرير جديد صادر عن «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية»، جاء أن أفريقيا تجاوزت 150 ألف حالة وفاة بسبب الجماعات الإرهابية خلال السنوات العشر الأخيرة، مع تصاعد عدد قتلى الإرهاب منذ 2023 بنسبة 60 في المائة، وخلال العام الماضي سجلت أفريقيا أكثر من 22 ألف حالة وفاة، أكثر من نصفها في منطقة الساحل.
ويشير التقرير إلى أن بوركينا فاسو وحدها سجلت نسبة 55 في المائة من الوفيات بسبب الإرهاب في الساحل، وكانت 83 في المائة من القتلى على يد تنظيم «القاعدة»، وتحديداً «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين».
في المرتبة الثانية تحل الصومال، التي سجلت أكثر من 6 آلاف قتيل، بينما يشير التقرير إلى أن «حركة الشباب» التي تنشط في الصومال أصبحت تحصل على دعم «لوجيستي وعسكري» من الحوثيين في اليمن.
وتسبب الإرهاب في نزوح أكثر من 3.5 مليون إنسان داخل القارة الأفريقية، أغلبهم في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، مع احتمال أن يكون العدد الحقيقي أعلى بسبب ضعف التوثيق، وزاد من تعقيد الوضع تورط الجيوش النظامية في قتل المدنيين، حيث سجل في مالي وبوركينا فاسو مصرع أكثر من 6 آلاف مدني على يد قوات حكومية ومرتزقة «فاغنر»، ثم «فيلق أفريقيا» الروسي بعد ذلك.
وأشار التقرير إلى تزايد العنف في بحيرة تشاد، حيث تنشط «بوكو حرام» و«داعش»، وأصبحت هذه التنظيمات تستخدم الطائرات المسيرة في هجماتها؛ ما يعكس تطوراً تكتيكياً مقلقاً.
وخلص التقرير إلى أن الجماعات الإرهابية في أفريقيا أصبحت «أكثر تنظيماً وابتكاراً»، بينما يستمر «ضعف الدولة» وتورطها فيما سماه «القمع العشوائي» الذي يغذي التجنيد.