
مع اقتراب العام الدراسي الجديد في لبنان، يجد آلاف الأهالي أنفسهم أمام معضلة مالية خانقة، تتمثّل في الارتفاع الجنوني في أقساط المدارس الخاصة، يرافقه ارتفاع غير مسبوق في أسعار الكتب واللوازم المدرسية، في ظلّ أزمة اقتصادية ما زالت تُلقي بثقلها على مختلف جوانب الحياة في البلاد.
في هذا السياق، تشير تقارير تربوية إلى أنّ معظم المدارس الخاصة رفعت أقساطها بنسب تتراوح بين 30% و70% مقارنة بالعام الماضي، تحت ذريعة تغطية نفقات التشغيل ودفع رواتب المعلمين بالدولار “الفريش”. هذا الارتفاع المفاجئ وضع العائلات، حتى تلك التي كانت تنتمي إلى الطبقة الوسطى، في موقف حرج، حيث أصبحت تكلفة تعليم طفلين في مدرسة متوسطة المستوى تعادل أو تفوق دخل الأسرة الشهري.
وإلى جانب الأقساط، شكّلت أسعار الكتب المدرسية ضربة جديدة لأهالي الطلاب. فبعد أن كانت الكتب الرسمية الصادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء تُوزَّع بأسعار رمزية أو شبه مجانية، باتت العديد من المدارس تعتمد على مناهج أجنبية وكتب مستوردة، ما رفع كلفة الكتاب، بحسب الصف والمادة.
أمام هذا الواقع، بدأ بعض الأهالي بالاتجاه نحو المدارس الرسمية، لكن التعليم الرسمي يعاني بدوره من مشاكل متراكمة، أبرزها نقص الكادر التعليمي، إضرابات المعلمين، غياب التجهيزات، وعدم وضوح الرؤية التربوية.
وقد شهد العام الماضي سلسلة إضرابات طويلة أدّت إلى تقليص أيام التعليم، وسط مطالبات المعلمين بتحسين رواتبهم وتأمين بيئة تعليمية لائقة.
وحيال ما تقدّم، يبدو أن العودة إلى المدارس في لبنان باتت رفاهية لا يتمتع بها الجميع. وبين نار الأقساط المرتفعة وجحيم أسعار الكتب، تقف العائلات اللبنانية عاجزة أمام تحديات لم تَعُد تربوية فقط، بل اقتصادية واجتماعية تهدّد مستقبل التعليم برمّته، وتطرح علامات استفهام كبيرة حول دور الدولة وحقّ كل طفل في التعلّم.