
بغضّ النظر عن الصيغة التي انتهى إليها مجلس الوزراء في جلسته أمس حول خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة في غياب الوزراء الشيعة، فإنّ لبنان يقف بلا شك عند منعطفٍ مفصليّ تُرسم فيه ملامح المرحلة المقبلة على ضوء ما انتهت إليه الجلسة حول ملف السلاح.
وبين ضغطٍ خارجيٍّ متزايد، وعجزٍ داخليٍّ عن اتخاذ القرار الحاسم، يتأرجح البلد فوق حافة أزمةٍ قد تتجاوز الحسابات المحلية لتطال مصيره السياسيّ والأمنيّ والاقتصاديّ بفعل التدخل الخارجي، لا سيّما الأميركيّ، بكل شاردةٍ وواردةٍ في الداخل اللبناني، خصوصًا وأنّ الجهات الدولية المعنية بالوضع اللبناني تتعامل مع هذا الملف على أنّه عنصر تهديدٍ للاستقرار الإقليمي، وليس مجرد خلافٍ داخليّ.
ومن هذا المنطلق، بات التأخير في المعالجة يُقرأ بالنسبة لهم كرسالةٍ سلبيةٍ حول جدّية الدولة اللبنانية في استعادة سيادتها، الأمر الذي قد يُعرّض البلاد لعواقب مباشرة، تبدأ من الضغوط الدبلوماسية ولا تنتهي عند حدود التهديد بالعزلة أو التدخل غير المباشر.
في هذا السياق، برز تلويحٌ واضحٌ بتقليص الدعم الدولي للجيش اللبناني، الذي يُعدّ أحد آخر الأعمدة المتبقية للمؤسسات الوطنية، وقد تم التلميح إلى احتمال خفض المساعدات المالية والعسكرية، في حال لم تتخذ الحكومة خطواتٍ ملموسةً باتجاه فرض سلطتها الحصرية على السلاح، وهي خطوةٌ، إن حصلت، قد تعرّض المؤسسة العسكرية لضربةٍ قاسيةٍ على المستويين المعنويّ والعمليّ، خصوصًا في ظل التحديات الأمنية القائمة.
وتتزامن هذه التطورات مع زيارةٍ مرتقبةٍ لنائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى بيروت الأسبوع المقبل، تحمل في جدول أعمالها رسائل حازمةً بشأن ملف نزع السلاح، وتقييمًا دوليًّا لأداء الدولة اللبنانية في تطبيق وقف إطلاق النار على الحدود الجنوبية. وهذه الزيارة تأتي في توقيتٍ بالغ الحساسية، حيث تتسارع الاتصالات الدولية حول مستقبل الاستقرار في لبنان، وموقعه ضمن المعادلات الأمنية في المنطقة.
وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية أنّ الرهان على عامل الوقت لم يعد مجديًا، فكل تأخيرٍ إضافيٍّ في حسم هذا الملف يفاقم الشكوك الدولية، ويفتح الباب أمام خياراتٍ تصعيديةٍ قد لا تكون في صالح لبنان، من دون أن تستبعد أن يُنظر إلى التباطؤ على أنّه قبولٌ ضمنيٌّ بالواقع القائم، ما يعزّز فرضيات التحرك الخارجي، سواء عبر الضغوط المالية أو عبر وسائل أكثر حدّة.