
يشهد طريق المطار، في الآونة الأخيرة، تصاعدا مقلقا في عمليات السرقة و تشليح الدراجات النارية، بلغت في بعض الحالات حدّ القتل، بدافع الاستيلاء على محفظة أو دراجة. هذا الواقع حوّل الطريق من ممر يومي للرزق والتنقل، إلى مساحة خوف مفتوح، وألقى بظلاله الثقيلة على حياة المواطنين، ولا سيما المسافرين والعائدين في الليل أو ساعات الفجر.
لم تعد الحوادث متفرقة أو استثنائية، بل باتت نمطا متكررا يشي بانفلات أمني واضح. فالدراجات النارية، لكونها وسيلة نقل أساسية لشريحة واسعة من العمّال والطلاب، أصبحت هدفا سهلا لعصابات تنشط على امتداد الطريق، مستفيدة من ضعف الإضاءة، وتفاوت الرقابة، وطبيعة الطريق التي تسمح بالفرار السريع. ومع كل حادثة جديدة، تتكرّس قناعة عامة بأن الخطر بات يوميا، وأن احتمال الوقوع ضحية لم يعد بعيدا.
الأثر النفسي والاجتماعي لهذا الواقع لا يقل خطورة عن الخسائر المادية، فالمواطنون يعيشون حالة قلق دائم، يعيدون حساباتهم في مواعيد التنقّل، ويتجنبون المرور في أوقات معينة، فيما يضطر بعضهم إلى تغيير مسارات عملهم أو التخلي عن الدراجات النارية كليا. هذا الخوف المتراكم يضرب الثقة العامة، ويقوّض الإحساس بالأمان، ويحول الطريق إلى رمز لعجز الدولة عن حماية أبسط حقوق الناس وهي سلامتهم.
في المقابل، يبرز سؤال ملح حول دور القوى الأمنية وقدرتها على وضع حدّ لهذه الظاهرة، فالمشهد السائد يوحي بعجز مزمن عن ضبط الطريق، سواء بسبب نقص الإمكانات، أو غياب الخطط المستدامة، أو ضعف التنسيق بين الجهات المعنية. فالمعالجات الظرفية، إن وُجدت، لم تُنتج نتائج ملموسة، ما سمح للمرتكبين بتوسيع نشاطهم ورفع منسوب الجرأة، وصولًا إلى ارتكاب جرائم جسيمة بلا رادع فعلي.
أمام هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى مقاربة شاملة تتجاوز ردّات الفعل الآنية، مقاربة تبدأ بتكثيف الوجود الأمني المنظّم والمستدام، وتحسين البنية التحتية للطريق من إنارة ومراقبة، وتفعيل المساءلة القضائية السريعة، ولا تنتهي بمعالجة الأسباب الاجتماعية التي تغذي الجريمة. فالأمن ليس إجراءً عابرا، بل منظومة متكاملة تستعيد ثقة الناس قبل أن تفرض الردع.
إن طريق المطار اليوم يقف عند مفترق خطير: إما أن يبقى عنوانا للفوضى والخوف، وإما أن يتحوّل إلى اختبار جدي لإرادة الدولة في حماية مواطنيها. وبين الخيارين، سيبقى الناس يدفعون ثمن الانتظار.

