
وصل إلى بيروت أمس الأول وفد رفيع من كبار المسؤولين في البنك الدولي، في زيارة وُصفت بأنها من أكثر المحطات حساسية في العلاقة بين لبنان والمؤسسات المالية الدولية. وتأتي هذه الزيارة بعد حوالي أسبوعين فقط من زيارة وزير المال ياسين جابر إلى الولايات المتحدة، حيث عقد سلسلة اجتماعات في مقر البنك الدولي وصندوق النقد، تناولت ملفات الإصلاح المالي وإعادة هيكلة القطاع العام والمصرفي، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كان لبنان على أعتاب مرحلة جديدة من التفاوض الجدي، أم أنه يواجه الإنذار الأخير قبل فقدان الثقة الدولية بالكامل.
لا شك أن توقيت وصول الوفد ليس عفوياً، بل يأتي في سياق تقييم شامل لمدى التزام الحكومة اللبنانية بالإصلاحات التي طال انتظارها. فالبنك الدولي، الذي كان حتى الأمس القريب شريكاً في تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية، تحوّل اليوم إلى جهة مراقبة تشترط الإصلاح قبل أي ضخ جديد للأموال أو القروض الميسّرة، حيث تشير المعلومات إلى أن جدول أعمال الوفد تضمن لقاءات مع كبار المسؤولين، في مقدمهم الرؤساء الثلاثة ووزير المال وحاكم مصرف لبنان، لبحث مسار الإصلاحات المالية.
هذه الزيارة تحمل في طياتها رسائل مزدوجة: دعم مشروط، وتحذير مبطّن. فالبنك الدولي لا يزال مستعداً لمساندة لبنان في ملفي الطاقة والبنية التحتية، لكنه يشترط للمضي قُدماً أن يتوقف الهدر، وأن تبدأ الدولة فعلياً بإعادة بناء الثقة المفقودة.
فالوفد بالتأكيد لم يأتِ حاملاً شيكات أو وعوداً جديدة، بل جاء ليقيس نبض السلطة اللبنانية، ويحدد ما إذا كان لا يزال هناك أفق للتعاون، أم أن لبنان يتجه ليكون خارج رادار المؤسسات المانحة”.

