
في مشهدٍ حمل الكثير من الرمزية والأمل، افتُتِحت أمس الاول أسواق بيروت وسط العاصمة، برعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، في خطوة وُصفت بأنها أكثر من مجرد إعادة فتح تجاري، بل رسالة سعي لاستعادة نبض المدينة بعد سنوات من الأزمات المتراكمة.
وشهد حفل الافتتاح حضور شخصيات سياسية واقتصادية وثقافية بارزة، إضافة إلى عدد من السفراء والفعاليات الشعبية، حيث قصّ الرئيس نواف سلام شريط الافتتاح وسط أجواء احتفالية، تخللتها عروض فنية، بينما تجوّل الحضور في أروقة الأسواق التي أعيد تأهيلها لتواكب الحداثة وتحافظ على الطابع التراثي لوسط بيروت.
كلمة الرئيس سلام خلال الافتتاح لم تكن بروتوكولية فحسب، بل حَمَلَت نبرة واضحة بأن الحكومة الحالية تراهن على إعادة الحياة إلى بيروت من بوابة الاقتصاد والمبادرة الفردية. وقال سلام: “بيروت لا تموت، وهذه الأسواق ليست فقط مكاناً للتسوّق، بل مساحة للّقاء والانفتاح والتفاعل الحضاري. عودة هذه الروح إلى قلب المدينة هي بداية لمسار طويل من التعافي.”
إن إعادة افتتاح أسواق بيروت تأتي في لحظة مفصلية. فالبلاد لم تخرج بعد من نفق الانهيار الاقتصادي، غير أن هذه الخطوة تعكس محاولة لإعادة الثقة ليس فقط بين المواطن والدولة، بل بين العاصمة ومحيطها.
من الناحية الاقتصادية، قد يشكّل المشروع محفزاً للقطاع التجاري والسياحي، لاسيما إذا ترافق مع خطوات إصلاحية حقيقية. أما من الناحية السياسية، فهي فرصة لحكومة نواف سلام لتأكيد حضورها الميداني بعيداً عن الخطابات، ولتقديم صورة مختلفة عن “السلطة الغائبة”.
من المؤكد أن أسواق بيروت ليست مجرد محلات تجارية أعيد افتتاحها، بل هي ذاكرة مدينة ومرآة وطن. إعادة الحياة إليها تعني في العمق إعادة بناء علاقة اللبنانيين مع مدينتهم، مع تاريخهم، وربما مع أنفسهم.
والسؤال هو: هل تكون هذه الخطوة بداية فعلية لعودة بيروت إلى موقعها كعاصمة للضوء والثقافة والاقتصاد؟ أم أنها مجرّد فاصل احتفالي في مشهد لا يزال غارقاً في العتمة؟
الأسابيع المقبلة كفيلة بالإجابة، لكن الأكيد أن بيروت برغم كل شيء ما زالت تقاتل لتعيش.