
عادت الانقسامات داخل الحكومة لتظهر إلى الواجهة من جديد، فجلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم سيُطرح فيها بند حساس على جدول الأعمال يتعلّق بسحب ترخيص “جمعية رسالات” على خلفية مخالفة قرار رئيس الحكومة المتعلّق بإضاءة صخرة الروشة بصورة الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين. هذا البند، الذي لم يكن في الأصل مدرجًا ضمن الأولويات، ربما يُفجّر التوازن الهش داخل الحكومة، ويكشف مجددًا عمق التباين بين مكوناتها، خصوصًا وأن الرئيس نواف سلام يُصرّ على سحب ترخيص الجمعية ولم يتجاوب مع مقترح سعاة الخير بالاكتفاء بتوجيه إنذار لهذه الجمعية.
بحسب مصادر وزارية مطلعة، فإن البند المتعلق بسحب ترخيص الجمعية أُدرج في اللحظات الأخيرة، ما أثار حفيظة عدد من الوزراء الذين اعتبروا الأمر استهدافًا سياسيًّا مموّهًا بغطاء قانوني. ورغم أن الخلفيات الرسمية لهذا القرار تعود إلى “مخالفات قانونية” ارتكبتها الجمعية، فإن القراءة السياسية له كانت حاضرة بقوة، لا سيما في ظل ما تعتبره بعض القوى محاولة للحدّ من حرية التعبير والعمل المدني تحت ذرائع إدارية.
الجلسة اليوم يُتوقّع أن تتحوّل إلى ساحة سجال سياسي، حيث سينقسم الوزراء بين مؤيد للقرار على قاعدة “احترام القوانين”، ومعارض له باعتباره “استنسابيًّا وانتقائيًّا”. هذا الانقسام سيلقي حتمًا بظلاله على مجمل العمل الحكومي، إذ حذّر أكثر من طرف من “تسييس العمل التنفيذي” و”استخدام الدولة كأداة لتصفية الحسابات”.
حيال ما تقدّم، تبدو الحكومة في موقع لا تُحسد عليه، إذ إن انزلاقها مجددًا نحو الخلافات السياسية، وتحوّل الملفات الإدارية إلى مواد خلافية، يُنذران بمزيد من الشلل في الأداء العام، ويضعان الانسجام الوزاري أمام اختبار جدّي، إذ إن هناك من يرى أن ما سيحصل اليوم ليس سوى نموذج لما يمكن أن تشهده المرحلة المقبلة، في ظل غياب رؤية موحّدة بين مكونات الحكومة، وتعدّد الأجندات السياسية، وغياب الثقة بين الأطراف الفاعلة.
وفي ظل هذا الواقع، تبقى الحاجة ملحّة إلى حوار جاد داخل الحكومة حول أولويات المرحلة، وآليات اتخاذ القرار، وإعادة ضبط إيقاع العمل الوزاري بما يراعي التوازنات الوطنية، دون التضحية بسيادة القانون أو تهديد الحريات العامة.