
يعكس الطلب الإسرائيلي من الجيش اللبناني تفتيش المنازل في بلدة بيت ليف محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد يتجاوز الإطار التقليدي الذي رسّخه خط الهدنة طوال السنوات الماضية.
هذا الخط، الذي يمثّل حدود الانتشار الميداني للجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل” جنوباً، كان بمثابة خط تماس غير معلن يضمن نظرياً بقاء أي نشاط عسكري أو أمني منضبطاً داخل مساحات محدّدة.
في جوهره، يعكس الطلب الإسرائيلي محاولة نقل المسؤولية الأمنية الميدانية إلى الجيش اللبناني، عبر دفعه للقيام بعمليات تفتيش داخل مناطق تعتبرها إسرائيل أماكن محتملة لوجود نشاط عسكري لحزب الله. هذا النوع من المطالبات ليس جديداً، لكنه يأتي اليوم في سياق أكثر حساسية بفعل لاعتداءات الإسرائيلية اليومية على الجنوب.
الهدف الإسرائيلي المباشر هو إعادة رسم حدود الدور الأمني اللبناني جنوباً، عبر جعل الجيش يقوم بمهام تفتيش داخلي تعتبرها إسرائيل شرطاً لحماية سكان مستوطناتها المحاذية للحدود. كما يحمل الطلب رسالة سياسية مزدوجة: أولاً، تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية أي نشاط قد يُنفّذ من داخل المناطق الحدودية، وثانياً، الدفع باتجاه تعديل قواعد الحركة الأمنية التي يفرضها الخط الأصفر، بما يسمح لإسرائيل بتوسيع نطاق متابعتها وتحركاتها الاستخبارية بصورة غير مباشرة.
أما بالنسبة للجيش اللبناني، فيشكّل هذا الطلب تحدياً مركّباً. فمن جهة، هو الجهة الرسمية المخوّلة حفظ الأمن في تلك المنطقة؛ ومن جهة ثانية، يدرك حساسية تنفيذ عمليات تفتيش في بيئة اجتماعية وسياسية تعتبر أي استجابة مباشرة لمطالب إسرائيلية مساساً بالسيادة. بذلك، تحاول إسرائيل وضع الجيش بين خيارين صعبين: الامتناع عن التفتيش بما يتيح لها تبرير أي تصعيد لاحق، أو التجاوب بما يضعه في مواجهة داخلية غير مرغوبة.
نختم لنقول ان طلب تفتيش المنازل في هذه القرية التي تعرضت غالبية منازلها للدمار نتيجة الحرب الأخيرة وسقط من أبنائها الشهداء الأبرياء ما هو الا محاولة إسرائيلية واضحة لإعادة توسيع دائرة الضغط السياسي والعسكري على لبنان من بوابته الجنوبية.

