أثار قرار الرئيس السوري، أحمد الشرع، إلغاء عطلة السادس من أكتوبر (تشرين الأول) التي كانت تُعد مناسبة وطنية لإحياء ذكرى حرب عام 1973، التي شاركت فيها القوات السورية بجانب المصرية ضد إسرائيل، موجة من الانتقادات والاستهجان في الأوساط المصرية؛ حيث تُعدُّ هذه الحرب رمزاً للبطولة والتضامن العربي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
المرسوم الرئاسي الذي حمل رقم 188 لعام 2025، أعاد تحديد العُطَل التي يستفيد منها العاملون الخاضعون لأحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة، رقم 50 لعام 2004، وتعديلاته.
وأضاف المرسوم إلى الأعياد «عيد التحرير» الذي سقط فيه نظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، و«ذكرى انطلاق الثورة السورية» في 18 مارس (آذار) من كل عام. وفي المقابل، ألغى 4 مناسبات كانت تعدُّ عُطلاً رسمية، من بينها «حرب تشرين».
وخاضت مصر وسوريا حرباً ضد إسرائيل يوم السادس من أكتوبر عام 1973؛ حيث شنتا هجومين مفاجئين ومتزامنين لاستعادة أرض سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية اللتين احتلتهما إسرائيل في أعقاب حرب الأيام الستة في يونيو (حزيران) عام 1967.
قرار «الشرع» تجاوزت تداعياته الحدود السورية لتصل إلى مصر التي ترى في هذا اليوم مناسبة قومية؛ لا تمس فقط الذاكرة الوطنية؛ بل تمثل لحظة فارقة في التاريخ العربي.
وبينما لم يصدر أي تعليق مصري رسمي على القرار، فإن وسائل إعلام مصرية تناولت القرار بكثافة، وعبَّر عدد من الإعلاميين والمدونين عن استهجانهم واستغرابهم من الخطوة، معتبرين أن إلغاء الاحتفاء الرسمي بذكرى الحرب يُضعف من رمزية التضامن العربي الذي تجسد في تلك اللحظة البطولية، في يوم 6 أكتوبر.
ووصف الإعلامي المصري، أحمد موسى، إعادة تنظيم جدول العطل الرسمية في سوريا، بأنه «أغرب قرار رئاسي»، متسائلاً: «قرار الشرع لإرضاء مَن بالضبط؟».
أغرب قرار رئاسى.. رئيس النظام السورى أحمد الشرع يلغى الاحتفال بنصر ٦ أكتوبر ١٩٧٣ وعيد الشهداء فى سوريا .. غريب وعجيب ومش مفهوم .. بالمناسبة تم رفع العلم السورى على القنيطرة فى عام ١٩٧٤ بعد تحريرها من العدو الصهيونى ، والأسبوع الماضى الكيان الصهيونى رفع علم إسرائيل فى نفس المكان…
— أحمد موسى – Ahmed Mousa (@ahmeda_mousa) October 5, 2025
وهو الوصف الذي تبنَّته أيضاً الإعلامية المصرية، لميس الحديدي، منتقدة القرار، بقولها: «وكأن النظام السوري يرغب في محو ذكرى السادس من أكتوبر التي شارك فيها علناً ضد العدو الإسرائيلي».
وتابعت في حلقة برنامجها مساء الأحد: «ربما تلك هي خيارات المستقبل بالنسبة للنظام السوري، ولكن التاريخ لا يُمحَى بقرارات، والتضحيات والشهداء لا تُنسَى بإلغاء الإجازة». واستطردت: «لكلٍّ اختياراته. أما نحن في مصر، فهذا يوم نصرنا على العدو، وسيبقى كذلك».
#متداولالإعلامية العربية لميس الحديدي تــهــاجــم الحكومة السورية الأنتقالية، بسبب إلغاء العطلة غير المدفوعة في ذكرى نصر حــرب تشرين التحريريةمع أو ضد وهل حرب تشرين من مخلفات النظام السابق ؟؟؟#مراقب_سوري #سوريا #مصر pic.twitter.com/LsxXqem2TQ
— مراقب سوري Syrian Observer (@Syrianobserve1) October 6, 2025
ووجَّه الإعلامي نشأت الديهي لوماً إلى الرئيس السوري، وقال خلال تقديم برنامجه «بالورقة والقلم» المذاع عبر فضائية «TeN»، مساء الأحد: «سوريا تلغي احتفالات نصر أكتوبر! سوريا الشرع، سوريا الجديدة، سوريا الحرية، تتبنى السردية الإسرائيلية بأن نصر أكتوبر ليس انتصاراً». وواصل: «إلغاء الشرع احتفالات أكتوبر في سوريا مُصيبة تستحق أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون».
ولاقى القرار السوري صدى واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث تم تداوله بين روادها، مصحوباً بتعليقات ونقاشات وتساؤلات حوله.
الرئيس السورى الشرع يلغى عطلة ذكرى ٦ أكتوبر .. ليه كده يا مولانا ؟؟؟؟
— د. يسرى عبيد dr. yousry ebaid (@y80eb) October 5, 2025
وعدَّ المدوِّن والإعلامي، لؤي الخطيب، إقرار الرئيس السوري «عيد التحرير» (يوم وصوله للسلطة)، وفي المقابل قيامه بإلغاء عيد نصر أكتوبر: «تناقضاً يحمل رسالة واضحة للجميع».
نفس القرار اللي الجولاني أضاف فيه أجازة عيد “التحرير” اللي هو يوم وصوله لدمشق في ٨ ديسمبر، تضمن إلغاء أجازة نصر ٦ أكتوبر..بصراحة الراجل ماقصرش ومفيش أوضح من كده.. علشان لو في حد ماكنش فاهم كل ده!
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) October 5, 2025
كما وجَّه مدونون نقداً للقرار؛ لكون ذكرى نصر أكتوبر تعد مناسبة تمثل لحظة نادرة للوحدة العربية، ونقطة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
في ذكرى النصر على إسرائيل..أحمد الشرع يلغي عطلة واحتفالات حـ.ـرب أكتوبر pic.twitter.com/mtjlMRBNVd
— محمد الديسطي (@yehia5yehia) October 5, 2025
وقال آخرون إنه على الرغم من إلغاء الاحتفال، فإن يوم 6 أكتوبر سيبقى في الذاكرة الوطنية العربية، وستبقى بطولات جنود سوريا خالدة في الوجدان العربي المشترك.
وعلى عكس التوجه الغالب عليه الاستنكار، أبدى البعض تفهُّماً للقرار السوري، لافتين إلى أن مصر حررت سيناء بينما لم تتحرر الجولان؛ بل احتلت إسرائيل القنيطرة، ومن ثَمَّ ليس منطقياً الاحتفال بذكرى اليوم.
اول مرة يعمل حاجة منطقيةسوريا دخلت حرب اكتوبر مع مصر عشان المفروض يحرروا الجولان و احنا نحرر سيناءلكن هما مش بس محرروهاش بل اسرائيل احتلت القنيطرة كمانعيد ازاى يعنى؟ازاى حد هيحتفل بيوم احتلت فيه ارضه؟ https://t.co/RidYk1IBSS
— Ahmed (@Hifnawyy) October 6, 2025