كشفت مصادر في تل أبيب، الخميس، عن أن إسرائيل عبّرت عن انزعاجها أمام الإدارة الأميركية على صمتها إزاء الاستعدادات لعقد مؤتمر نيويورك، في شهر يونيو (حزيران) المقبل، لمناصرة مشروع الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية.
وقالت المصادر إن حكومة بنيامين نتنياهو، وبقدر ما هي قلقة من المؤتمر نفسه، قلقة من «الصمت الأميركي الصارخ» بشأنه.
وأضافت المصادر أن الوفد الإسرائيلي الرفيع الذي زار الولايات المتحدة، في مطلع الأسبوع، وبالإضافة إلى المواضيع الملحة التي تداول بشأنها، مثل النووي الإيراني والحرب في غزة والوضع في سوريا، قام «بطرح قضية ملحة جداً هي مؤتمر نيويورك».
واهتم الوفد، الذي ضم كلاً من وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ورئيس الموساد، دافيد بارنياع، ومستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي، حاول إقناع المسؤولين الأميركيين الذين اجتمع بهم في البيت الأبيض بضرورة عمل شيء لتخفيف حدة القرارات المعادية لإسرائيل، ومنع موجة اعتراف أوروبي وغربي جارف بالدولة الفلسطينية.
الصمت الأميركي
وقالت هذه المصادر إن إسرائيل قلقة جداً مما أسمته «الصمت الأميركي الصارخ» إزاء المبادرة السعودية – الفرنسية لعقد هذا المؤتمر، الذي «يبدو أنه أكثر جدية مما كان متوقعاً»، بحسب ما نقلته «القناة 12» في التلفزيون الإسرائيلي.
وأضافت: «إنه سيضم ما لا يقل عن 100 دولة في العالم ضمنت المشاركة، بينها دول كانت تقف مع إسرائيل باستمرار، مثل بريطانيا وإيطاليا وكندا واليابان والبرازيل والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الدول المعروفة بانتقاداتها وكانت قد اعترفت بالدولة الفلسطينية سابقاً، وهي إسبانيا وآيرلندا والنرويج.
وسيكون البحث فيها طيلة 4 أيام من خلال لجان عمل منظمة كل واحدة منها تترأسها دولتان، وتوقعت إسرائيل من إدارة الرئيس ترمب، التي قال نتنياهو إنها أقرب الإدارات الأميركية إلى إسرائيل في تاريخ العلاقات بين البلدين.
واعتبروا الأمر «شكلاً من أشكال التعبير الأميركي عن عدم رضاها من حكومة إسرائيل وممارسة الضغوط عليها حتى تغير سياستها، خصوصاً في غزة».
لقاء مع فانس
ومن اللافت أن الرئيس ترمب ووزير الخارجية، ماركو روبيو، اللذين يعتبران المسؤولين المباشرين عن السياسة الخارجية، لم يستقبلا الوفد الإسرائيلي الرفيع ومن اجتمع بهما هو نائب الرئيس جي دي فانس، الذي يعتبر من أشد المناصرين لسياسة ترمب الانعزالية التي ترفع شعار «لنجعل أميركا دولة عظمى مرة أخرى».
لذلك، توقعوا في تل أبيب أن يستمر التحضير للمؤتمر ويلتئم في موعده 17 – 23 يونيو (حزيران) المقبل من دون تدخل أميركي، مؤكدين أنه «لو لم تكن واشنطن معنية، فلا يمكن أن ينعقد مؤتمر مثل هذا على أراضيها».
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد نقلت عن مصادر سياسية قولها إن «الإدارة الأميركية، ورغم أنها لا تقيم علاقات سوية مع أوروبا، فإنها لم تتدخل في الهجمة الدبلوماسية الأوروبية على إسرائيل بسبب سياستها في غزة، خلال الأسبوع المنصرم».
انتقاد خفيف
وباستثناء انتقاد خفيف عابر وجهه السفير الأميركي في إسرائيل، مايك هاغبي، لم تتفوه واشنطن بكلمة، وهذا أيضاً يشير إلى موقف سياسي.
ويتساءلون: هل هذا يعني أن ترمب تخلى عن أفكار صفقة القرن لصالح الدولة الفلسطينية؟ هل هذا التطور في السياسة الأميركية نجم عن القفزة في العلاقات الأميركية العربية، التي تجلت خلال زيارة ترمب إلى السعودية والإمارات وقطر؟ وهل هي جزء من مسلسل التصرفات التي تستبعد إسرائيل وتهمشها، مثل الإعلان عن بدء مفاوضات مع إيران، وتسليم تركيا مسؤولية الملف السوري، وإجراء مفاوضات مباشرة مع «حماس» وتحرير الجندي عيدان ألكسندر، بسبب جنسيته الأميركية وإبرام اتفاق مع الحوثيين؟