أبدى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأربعاء، استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات النووية مع واشنطن، لكنه شدد على أن طهران “لن تتنازل عن حق تخصيب اليورانيوم”، فيما أعرب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن استعداد موسكو لأي وساطة في الملف النووي الإيراني.
وقال وزير الخارجية الإيراني خلال لقائه نظيره الروسي في موسكو: “نرحب بأي دور روسي بناء ونقدر دعمها لنا”، مشيراً إلى أن روسيا “لعبت دوراً إيجابياً للغاية في الاتفاق النووي لعام 2015، وتدعم دائماً حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية”.
ومضى عراقجي قائلاً: “مستعدون للتفاوض عندما ترغب واشنطن في مفاوضات متكافئة وبشروط متساوية.. لم نرسل أي رسائل إلى الولايات المتحدة بهذا الخصوص”.
وشدد عراقجي على أن إيران “ملتزمة بمنع انتشار الأسلحة النووية، وستمارس حقها بموجب الاتفاق باستخدام طاقتها النووية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بالرغم من الهجمات التي تعرّضت لها”.
وتابع: “الغارات الأميركية ضد مرافقنا النووية ألحقت أضراراً بالتأكيد لكنها لم تدمر تكنولوجيتنا النووية، ولم تقض على عزيمتنا بالاستمرار”، على حد تعبيره.
كما أعرب وزير الخارجية الإيراني عن شكره لروسيا على دعمها لإيران خلال الهجمات الأميركية والإسرائيلية على منشآت إيران النووية، مؤكداً الحاجة إلى إجراء مشاورات بشأن الأحداث المحتملة في المستقبل.
وأنهى وقف إطلاق النار، حرباً استمرت 12 يوماً في يونيو الماضي، بدأت بغارات جوية إسرائيلية تلاها قصف أميركي لمواقع نووية إيرانية تحت الأرض، باستخدام قذائف خارقة للتحصينات.
وأكد وزير الخارجية الإيراني أن العلاقات الروسية الإيرانية شاملة ومتكاملة، وتغطي المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها، مشيراً إلى أن المشاورات بين موسكو وطهران بشأن مختلف القضايا تجري بشكل منتظم.
وأضاف أن بدء سريان معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة أعطى زخماً كبيراً لتطوير علاقاتنا الثنائية، موضحاً: “لدينا خططاً مهمة، ومشاريع مرتبطة بالنقل واللوجستيات مع روسيا، وقد تطرق لافروف إلى بعض المشاريع المهمة ومن بينها ممر العبور من الشمال إلى الجنوب بالإضافة إلى بناء السكك الحديدية”.
وذكر عراقجي، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بيزشكيان ناقشا جميع مجالات التعاون خلال لقائهما في العاصمة التركمانستانية، عشق آباد، الأسبوع الماضي.
ودخلت معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي بعد توقيعها في يناير 2025، وتمتد هذه المعاهدة لعشرين عاماً، وتضع الإطار المؤسسي الأوسع للتعاون الثنائي.
الملف النووي الإيراني
بدوره، أعرب وزير الخارجية الروسي عن تفاؤله بشأن توسيع الشراكة الاستراتيجية مع طهران، مؤكداً استعداد موسكو لأي وساطة في الملف النووي الإيراني.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع عراقجي، إن “معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع إيران تؤكد وضعاً خاصاً للتعاون الثنائي، وتحدد أطر التنسيق المشترك لجميع المجالات في العقدين المقبلين”.
ووصف لافروف، توقيع وبدء سريان هذه المعاهدة بأنه الحدث الرئيسي والبارز في العلاقات الثنائية لهذا العام، موضحاً أن الاتفاقية “ترسخ الوضع الخاص لتعاوننا وتحدد المعالم التوجيهية لجميع الاتجاهات على مدى 20 عاماً مقبلة”.
وأعلن لافروف أيضاً عن توقيع أول “خطة تشاور” بين وزارتي خارجية البلدين تغطي الفترة من 2026 إلى 2028، ما يعمق آليات التنسيق الدبلوماسي المنتظم.
وقال وزير الخارجية الروسي إن بلاده مستعدة لأي وساطة في الملف النووي الإيراني إذا وافقت إيران على ذلك، مضيفاً: “روسيا على استعداد لمساعدة إيران في إيجاد حلول مقبولة لحل الأزمة النووية”، مشدداً على أن روسيا وإيران “تريدان التسوية السياسية وتجنب أي استخدام جديد للقوة العسكرية”.
واعتبر لافروف أن خطط الولايات المتحدة لتنفيذ عملية برية في فنزويلا، “تقوّض الآمال في التوصل لاتفاق في ظل التوازن الحالي للقوى الدولية”، لافتاً إلى أن الإجراءات الأميركية في حوض البحر الكاريبي قوبلت باستياء من معظم دول العالم.
وأضاف: “روسيا وإيران تعملان على تطوير التعاون العسكري التقني وفقاً للقانون الدولي”، لافتاً إلى أنه “إذا استرشدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوظائفها المباشرة، وليس بالنهج الغربي، فسيجري التوصل إلى اتفاق مع إيران”.
مخزون اليورانيوم
كان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابع للأمم المتحدة، الذي يضم 35 دولة، أصدر قراراً خلال اجتماع مغلق، نوفمبر الماضي، يطالب إيران بالكشف “فوراً”، عن حالة مخزونها من اليورانيوم المخصب، ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف في يونيو.
والغرض من القرار في المقام الأول، هو تجديد تفويض الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعديله، للإبلاغ عن جوانب البرنامج النووي الإيراني، لكنه نص أيضاً على أن إيران يجب أن تقدم الإجابات للوكالة بسرعة، وتتيح لها الوصول إلى ما تريده.
وقال دبلوماسيون لوكالة “رويترز”، حينها، إن “مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وافق على قرار يلزم إيران بإبلاغ الوكالة دون تأخير، بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومنشآتها النووية التي تعرضت للقصف”.
وأضاف الدبلوماسيون، أن 19 دولة في مجلس محافظي الوكالة، صوتت لصالح القرار، الذي قدمته الولايات المتحدة و”الترويكا الأوروبية (بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا)”، وصوتت 3 ضده دول، وامتنعت 12 دولة عن التصويت.
وعقب صدور القرار، قال وزير الخارجية الإيراني، في تصريحات أوردتها وكالة “رويترز”: ” أرسلنا رسالة رسمية للوكالة الدولية للطاقة الذرية لإنهاء اتفاقية التعاون الموقعة في القاهرة، رداً على قرار الوكالة الأخير”.
وفي سبتمبر الماضي، وقعت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة المصرية القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون الفني بين الجانبين، ومنها الإجراءات العملية لعودة أنشطة تفتيش المنشآت النووية، وسط تحذيرات إيرانية من أن تطبيق عقوبات الأمم المتحدة يعني نهاية “الخطوات العملية” المنصوص عليها في الاتفاق.
ولكن إيران علّقت بعدها هذا الاتفاق، بعد إعادة فرض العقوبات الأممية عليها عبر آلية “سناب باك”، في أكتوبر الماضي.

