اندفع عمود ضخم من الرماد البركاني والغازات إلى ارتفاعات كبيرة

تشير بيانات الأقمار الصناعية وحركة الرياح العلوية إلى أن سحابة الرماد وثاني أكسيد الكبريت بدأت تتجه شرقًا وشمال شرق
شهدت منطقة داناكيل في إقليم عفر بشمال-شرق إثيوبيا اليوم انفجارًا بركانيًا غير مسبوق لفوهة “هايلي غوبي” (Hayli Gubbi)، وهو بركان نائم لم يُسجَّل له ثوران منذ آلاف السنين.
تفاصيل الانفجار البركاني وارتفاع سحابة الرماد
وقع الثوران أمس الأحد، حيث اندفع عمود ضخم من الرماد البركاني والغازات، وخاصة غاز ثاني أكسيد الكبريت، إلى ارتفاعات كبيرة تراوحت بين 10 و15 كيلومترًا، ووصلت في ذروتها إلى نحو 14 كيلومترًا فوق مستوى سطح البحر، مخترقًا طبقة التروبوسفير وقريبًا من حدود الستراتوسفير.
ويُعد هذا الارتفاع واحدًا من أقوى الثورانات المسجلة في شرق إفريقيا مؤخرًا. وقد سُجّلت هزة أرضية صغيرة في المنطقة قبل الثوران مباشرة، يُرجح أنها ناتجة عن صعود الصهارة.
مسار الرماد والتأثيرات المحتملة على المنطقة
تشير بيانات الأقمار الصناعية وحركة الرياح العلوية إلى أن سحابة الرماد وثاني أكسيد الكبريت بدأت تتجه شرقًا وشمال شرق، عابرة نحو اليمن وعُمان، في حين أكد المركز الوطني للأرصاد في المملكة أن أجواء المملكة لم تتأثر بشكل مباشر بالرماد البركاني حتى الآن، وأن حركة الرياح السائدة تدفع الكتل المثارة بعيدًا عن الأجواء السعودية.
ويثير انتشار الرماد والغازات قلقًا بشأن سلامة الملاحة الجوية في المنطقة، حيث يمكن للرماد البركاني أن يسبب أضرارًا جسيمة لمحركات الطائرات. كما أن غاز ثاني أكسيد الكبريت، وهو غاز مُهيّج للجهاز التنفسي، قد يسهم في تكون أمطار حمضية عند تفاعله مع بخار الماء، مما يستدعي تحذيرات للفئات الحساسة، خاصة مرضى الربو، من التعرض غير الضروري للهواء الطلق في المناطق المتأثرة.
ورغم أن موقع البركان ناءٍ في منطقة منخفضة وعرة وشبه خالية من السكان ضمن إقليم عفر، إلا أن استمرار تدفق الحمم والغازات يثير المخاوف من تأثيرات محتملة على التجمعات السكانية القريبة والماشية والبنية التحتية، وقد بدأت تظهر تحذيرات للمواطنين في اليمن لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي التعرض للغبار البركاني.
مراقبة مستمرة للنشاط البركاني
تواصل مراكز الإنذار الدولية، مثل مركز تولوز للاستشعار عن رماد البراكين، مراقبة النشاط البركاني بدقة، مشيرة إلى أن الثوران قد توقف مبدئيًا، لكن كميات من الرماد والغازات لا تزال تنتشر على ارتفاعات متوسطة وعليا.
كما أن بيانات الأقمار الصناعية والمحطات العالمية لرصد الغبار البركاني ستلعب دورًا محوريًا في التقييم العلمي، نظرًا لصعوبة الوصول البري إلى الفوهة.
استجابة السلطات والجهود العلمية
حتى الآن، لم تُنشر تقارير مؤكّدة عن خسائر بشرية كبيرة أو حالات إصابة بسبب الثوران، لكن الجهات المختصة في إثيوبيا قد تكون في حالة تأهب لمراقبة الوضع.
من جهة أخرى، يُرجّح أن يتجه علماء جيولوجيا وبراكين إلى المنطقة لدراسة الانفجار وجمع عينات من الرماد والصخور، لبحث تاريخه البركاني وتأثيره المستقبلي.
ويشكل هذا الحدث فرصة نادرة للعلماء لدراسة النشاط البركاني بعد فترات خمول طويلة باستخدام تقنيات المراقبة الفضائية المتقدمة.
يذكر أن البركان يقع في موقع جيولوجي نشط ضمن الصدع الإفريقي العظيم، عند نقطة التقاء الصفائح التكتونية العربية والنوبية والصومالية، وهو ما يفسر النشاط الزلزالي والبركاني في المنطقة.

