«أسبوع التصميم» يُعيد اكتشاف الهوية الإبداعية المصرية
تحت شعار «صمّم… حتى أراك» انطلقت فعاليات نسخة عام 2025 من «أسبوع القاهرة للتصميم»، بمشاركة أكثر من مائتي خبير ومصمم ومعماري، إلى جانب عدد من رجال الصناعة المصريين والعالميين.
ومع انطلاق هذه النسخة، التي تُعدّ الأكثر ثراءً وطموحاً حتى الآن، تتحول العاصمة المصرية إلى مدينة حية تنبض بألوان الإبداع المختلفة؛ لتصبح بمثابة معرض مفتوح يتحاور فيه الفن مع العمارة، والتراث مع الحداثة، والموضة مع الذاكرة الثقافية.

وتشهد فعاليات المهرجان 3 أحياء هي مصر الجديدة (شرق القاهرة)، والزمالك، ووسط القاهرة، وتمثل كل زاوية في هذه المناطق حلقة من سلسلة تجارب سردية بصرية ملهمة، تبرز كيف أصبح التصميم قيمة كبيرة في عالم الإبداع والاقتصاد في مصر والعالم.
كما تشهد هذه المناطق تفعيل الفضاءات الثقافية والفنية الموجودة بها، فضلاً عن احتضان منشآت فنية متنوعة في الأماكن العامة، واستضافة ورش العمل، وأجنحة التصميم المبتكرة، والتجارب التفاعلية والمسارات الغامرة، والعروض الحية التي تسلط الضوء على تجارب جديدة في عالم التصميم.
ويضم الحدث معارض وندوات وتجارب ومحادثات عدّة تدور حول التصميم في مجالاته المختلفة، ومنها العمارة، والتصميم الداخلي، والأزياء، والأثاث والمفروشات، والحُلي، والمنتجات التجارية.
وللمرة الأولى، ينظم الأسبوع جولات نهارية ومسائية تتيح للمشاركين استكشاف القاهرة من منظور التصميم والتراث المعماري، مع التركيز على كيفية تمثيل التصميم جسراً بين الماضي والحاضر والمستقبل.

يقول هشام مهدي، الرئيس التنفيذي لأسبوع القاهرة للتصميم، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تنامت بشكل ملحوظ قوة مصر الإبداعية في عالم التصميم خلال السنوات السابقة، وبرزت أسماء مصرية عدة في هذا المجال الإبداعي المهم على الساحة العالمية».
ويتابع: «من هنا تتضح خصوصية هذا الحدث وتفرّده، وهو ما يساهم بقوة في تعزيز مكانة مصر على خريطة التصميم العالمي، ويكتسب أهمية قصوى في ضوء ما يمثله هذا القطاع الإبداعي من دور في اقتصاد الدول».

ويتيح «أسبوع القاهرة للتصميم» من خلال فعالياته المتنوعة وشراكته و تعاونه مع كبار المصممين، وخبراء الصناعة، الفرصة كاملة أمام المبدعين لسرد قصصهم مع النجاح والتحاور والتعاون والشراكات المثمرة، كما يُسلط الضوء على تجارب المصممين الشباب؛ في حين يُعد فرصة للانطلاق في عالم الإبداع.
ويستكشف الأسبوع كيف يشكل الإبداع الهوية، مقدماً القاهرة نموذجاً حياً، ومتيحاً لها فرصة رواية قصتها عبر خاماتها ومساحاتها وتواصل تراثها مع إبداعها الحديث.

وتروي كل منطقة تصميم قصة مختلفة، لكنها تجسد معاً تجربة واحدة تعكس روح القاهرة الإبداعية. ويعد حي «مصر الجديدة» جوهر الأسبوع، حيث يستضيف عدداً كبيراً ومتميزاً من الفعاليات، بوصفه نقطة التقاء بين التراث المعماري الغني والعمارة المعاصرة.
وشهد «قصر غرناطة» القابع في حي مصر الجديدة حفل الافتتاح، واستضاف فعالية «منطقة القاهرة لتصميم الأزياء» التي تقدمها مصممة الأزياء مي جلال بالشراكة مع «Maison Pyramide».
ويقدم الحدث للمرة الأولى، في حديقة «الميرلاند» العريقة، معرض «مساحة الصناع»، الذي يضم أعمال الطلاب في مجالات التصميم الغرافيكي، والوسائط الرقمية، والأزياء، وتصميم المنتجات، والهندسة المعمارية الداخلية، إلى جانب مشروعات من شركات ناشئة. كما يستضيف المعرض مساحات للعمل والورش والتجارب التطبيقية، التي تعكس مسارات التحول التي يسلكها المصممون الشباب أثناء تطوير مهاراتهم وصقل أعمالهم، وذلك بتنظيم «Creative Districts»، وبالتعاون مع «Studio 34».

يشهد أسبوع التصميم في مصر الجديدة أيضاً عرض أزياء من «بي تي إم» و«ماري لويس»، دار الأزياء التي صاغها التاريخ والإرث الإبداعي، بالتعاون مع مصممين آخرين. ويربط هذا العمل بين الفن والموضة، مع إشادة بأساتذة الفن المصريين والتراث الذي لا يزال مصدر إلهام للتصميم.
وفي جزيرة الزمالك، تستعيد مواقع مثل قصر عائشة فهمي، ومتحف الخزف الإسلامي، ومكتبة القاهرة الكبرى نشاطها الحسي، داعية الزوار إلى إعادة الاتصال بعالم التصميم.
ويشهد قصر «عائشة فهمي» عرضاً لتراكيب فنية منحوتة لعلامة «دكتور جريش»، الشركة الرائدة في مجال معالجة الزجاج بالمنطقة لعقود. وتتميز الأعمال بالتقاء الزجاج بالحجر، حيث ترتفع طبقات من الزجاج الشفاف فوق صخور راسخة بحرفية دقيقة، مشكلة خطوطاً متموجة تبدو وكأنها تتدفق عبر الفضاء.

والرائع أن هذه الأشكال، التي تأتي بالتعاون مع «شارع التصميم»، تُحاكي إيقاع النيل وضفافه المتغيرة، وتياراته المتعمقة، وتطوره اللانهائي عبر الزمن.
كما يستضيف القصر نفسه جناح شركة «الديار القطرية» تحت عنوان «لؤلؤة مُعاد تصورها»، المستوحى من اللؤلؤ بوصفه وعاءً للذاكرة والقيمة والاتصال، حيث تستحضر كل طبقة فيه قروناً من تبادل الثقافات والمعرفة.
وفي قلب القاهرة، تصبح «وسط البلد» مختبراً حياً للتصميم، من مبنى تمارا المُرمم إلى الأفنية والأسطح المخفية، وتحتفي المنطقة بفكرة الاستمرارية بدل الاستبدال، معتبرة التصميم وسيلة للإصغاء والاهتمام وربط الناس ببعضهم بعضاً.

