أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحات لـ”الشرق”، الجمعة، عن أسفه لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقاطعة قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا، مشيراً إلى أن العالم يعاد تشكيله، مناشداً الولايات المتحدة بضرورة الانضمام خاصة وأنها الدولة المستضيفة للدورة المقبلة.
وأضاف ماكرون: “هذا مؤسف، من الواجب علينا أن نكون حاضرين من أجل أن نتواصل ونعمل جميعاً، آمل أن ينضموا مجدداً”.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن “السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الدولية هو التعاون والعمل المشترك في مجالات مثل تغير المناخ، والاقتصاد، ومكافحة الفقر، وفي الشؤون الجيوسياسية”.
واستدرك ماكرون في حديثه لـ”الشرق”: “أتوقع أنهم سينضمون؛ لأنهم سيرأسون المجموعة العام المقبل، وكذلك نحن بأمس الحاجة إلى التعاون”.
وأشار إلى التغيرات التي تحيط بالمجتمع الدولي، مطالباً بالنظر في الديناميكيات العالمية من حيث العدد والتركيبة السكانية، ومن حيث النمو.
ويرى الرئيس الفرنسي أن العالم يتغير ويعاد تشكيله، وطالب بضرورة التواضع والتفاعل مع الجميع، مضيفاً: “أنا أكن احتراماً كبيراً للقارة الإفريقية، والآسيوية، ومنطقة المحيطين الهندي، والهادئ، وأميركا اللاتينية”.
“استمرار الانتهاكات”
وكان ترمب، قد أعلن أنه “لن يرسل أي مسؤول في الحكومة الأميركية إلى قمة مجموعة العشرين، في جنوب إفريقيا في وقت لاحق من هذا الشهر، بسبب ما قال إنها “انتهاكات لحقوق الإنسان” ترتكب هناك، مشيراً إلى أنه “لن يحضر أي مسؤول حكومي أميركي، طالما استمرت الانتهاكات”، لافتاً إلى أنه يرحب باستضافة القمة المقررة في عام 2026 بميامي.
ورفض ترمب أيضاً جدول أعمال الدولة المضيفة المتمثل في تعزيز التضامن ومساعدة الدول النامية على التكيف مع الكوارث المناخية المتفاقمة، والتحول إلى الطاقة النظيفة، وخفض تكاليف ديونها المفرطة.
وقال مصدر مطلع على الأمر، إن نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، الذي كان من المتوقع أن يحضر اجتماع قادة مجموعة العشرين في جوهانسبرج يومي 22 و23 نوفمبر، لن يشارك في القمة.
الوثيقة الختامية لقمة العشرين
وكانت الولايات المتحدة قد حذرت رسمياً جنوب إفريقيا من خطوة إصدار بيان مشترك خلال قمة مجموعة العشرين، وفقاً لوثيقة اطلعت عليها “بلومبرغ”.
وتعارض الولايات المتحدة بشكل علني رئاسة جنوب إفريقيا لمجموعة العشرين، وكذلك أجندتها الأساسية القائمة على التضامن والمساواة والاستدامة، وهي جزء من مسعى رامافوزا لإرساء نظام عالمي أكثر شمولاً، ويضاف إلى ذلك اتهامات ترمب لجنوب إفريقيا بارتكاب ما وصفها بـ”إبادة ضد البيض في جنوب إفريقيا” ومصادرة الأراضي.
وفي مذكرة دبلوماسية سُلّمت في 15 نوفمبر الجاري، قالت الولايات المتحدة إنها لن تشارك في المحادثات التحضيرية للقمة، ولا في الاجتماع نفسه، كما أنها ستعرقل أي نتيجة تُطرح باعتبارها موقفاً توافقياً للمجموعة، لأن أولويات جنوب إفريقيا “تتعارض مع الرؤى السياسية الأميركية”، وفق نسخة من الوثيقة.
وجاء في المذكرة: “تعترض الولايات المتحدة على إصدار أي وثيقة ختامية لقمة العشرين تحت مبدأ مواقف توافقية، من دون موافقة الولايات المتحدة. وإذا تم إصدار وثيقة خلال رئاستكم، فستكون على شكل بيان للرئيس فقط، ليعكس بدقة غياب التوافق”.
وجاء التحذير الأميركي بعد تصريحات لوزير خارجية جنوب إفريقيا رونالد لامولا خلال مشاركته في القمة الافتتاحية لـ”بلومبرغ إفريقيا للأعمال” في جوهانسبورج: “نحن نؤمن بأن الدول الحاضرة هنا يجب أن تكون قادرة على اتخاذ قرار واعتماد بيان، ولا نعتقد أن غياب الولايات المتحدة يجب أن يشلّ مجموعة العشرين”.
وأشار لامولا إلى أن قادة مجموعة العشرين “يجب أن يبعثوا برسالة واضحة مفادها أن العالم قادر على المضي قدماً، سواء حضرت الولايات المتحدة أم لا”، مضيفاً: “سنعتبرهم غائبين، ونواصل أعمال القمة”.
“التوتر الدبلوماسي”
ووصفت “بلومبرغ” هذا التوتر الدبلوماسي بأنه “محرج بشكل خاص”، نظراً لأنها المرة الأولى التي تستضيف فيها القارة الإفريقية القمة، كما أن الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا من المفترض أن يسلم الرئاسة الدورية للمجموعة للرئيس الأميركي في نهاية هذا العام.
وفي مايو الماضي، بلغ التوتر بين ترمب ورامافوزا ذروته خلال اجتماع في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن، حين اضطر رامافوزا لتحمُّل “توبيخ علني” أمام الكاميرات، وزاد ترمب من حدة الخلاف بإعلان عدم حضوره القمة، وأتبع ذلك بمقاطعة كاملة للحدث.

