أعلن الدفاع المدني في غزة، الخميس، مقتل خمسة أشخاص، بينهم طفلة تبلغ عاماً واحداً، في غارات جوية إسرائيلية على جنوب القطاع فجراً، ما يرفع عدد القتلى جراء الضربات التي شنّتها الدولة العبرية إلى 32، منذ الأربعاء، في ظل تبادلها وحركة «حماس» الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار.
وشهد القطاع، الأربعاء، أحد أكثر الأيام دموية منذ سريان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، بناء على اتفاق يستند إلى خطة للرئيس الأميركي دونالد ترمب. وحذّرت قطر، وهي إحدى الدول الوسيطة في المفاوضات، من أن الضربات الإسرائيلية تشكل «تصعيداً خطيراً» قد يقوض الهدنة السارية.
وتزامن استئناف إسرائيل ضرباتها على القطاع الفلسطيني المدمّر بعد عامين من الحرب، مع غارات شنّتها، الأربعاء، على جنوب لبنان قالت إنها استهدفت مواقع لجماعة «حزب الله» الذي تتهمه بإعادة بناء قدراته بعد نحو عام من توصل الطرفين إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأفاد الدفاع المدني في قطاع غزة بمقتل خمسة أشخاص في قصف إسرائيلي جنوب القطاع، في الجزء الذي لا يزال خاضعاً للسيطرة الإسرائيلية بموجب هذه المرحلة من اتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد مجمع ناصر الطبي استقبال جثث القتلى الخمسة، مشيراً إلى أن بينهم طفلة عمرها عام واحد.
وقال صبري أبو سبت، الذي فقد ابنه وحفيدته في غارة على شرق خان يونس: «قصفونا بينما كنا نائمين، كنا نائمين مسالمين، نحن مسالمون ولا نريد الحرب».
وقال الجيش الإسرائيلي رداً على استفسار لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه «على علم بغارة شرق الخط الأصفر (خط الانسحاب داخل غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار) والتي نفذت لتفكيك بنى تحتية إرهابية»، مشيراً إلى أنه «ليس على علم بوقوع خسائر بشرية».
وأكد أن الغارة «جزء من العمليات الاعتيادية للجيش شرق الخط الأصفر».
من جانبها، أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بيدروسيان، في مؤتمر صحافي، الخميس، أن «إسرائيل اتخذت قراراً بتنفيذ هذه الغارات الجوية بشكل مستقل».
غير أنّ مسؤولاً أميركياً أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مشترطاً عدم الكشف عن هويته، أن «الولايات المتحدة أُبلغت (من إسرائيل) بشأن الضربات».

«هل ستعود الحرب؟»
وأثارت الضربات الإسرائيلية، الأربعاء والخميس، قلقاً لدى سكان القطاع المدمّر والمحاصر من عودة الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 عقب هجوم لحركة «حماس» على الدولة العبرية.
وقالت لينا كراز (33 عاماً)، من حي التفاح في شرق مدينة غزة: «طفلتي طوال الليل تسألني: هل ستعود الحرب؟».
وأضافت: «نشعر بالقلق من عودة الحرب. صوت القصف المدفعي والانفجارات… كان مرعباً الليلة، متى سينتهي هذا الكابوس؟».
أما محمد حمدونة (36 عاماً) الذي نزح خلال الحرب من شمال قطاع غزة إلى خيمة في المواصي غرب خان يونس، فرأى أن «الحرب لم تنته، لم يتغير شيء».
وأضاف: «قلّت (تراجعت) كثافة الموت، الشهداء والقصف كل يوم، ما زلنا في الخيام، المدن من ركام، المعابر ما زالت مغلقة، كل مقومات الحياة ما زالت معدومة».
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، الأربعاء، شنّ ضربات على أهداف قال إنها تابعة لحركة «حماس» في أنحاء غزة، عازياً ذلك إلى إطلاق مسلحين النار تجاه منطقة تعمل فيها قواته في خان يونس.
وقال الجيش، في بيان، إن هذا «يشكل خرقاً لاتفاق وقف النار»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات في صفوفه.

«تصعيد خطير»
من جهتها، اتهمت «حماس» إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم الحركة في غزة حازم قاسم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الاحتلال (ارتكب) خرقاً واضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة باستهدافه المدنيين وقتله» فلسطينيين «معظمهم من الأطفال والنساء».
وتابع: «هذا الخرق يستدعي تحركاً جدياً وفعالاً من الوسطاء للضغط على الاحتلال لوقف هذه الخروقات والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار»، معتبراً أن إسرائيل تتعامل «مع جهود الوسطاء في هذا الشأن باستخفاف صارخ».
ودانت وزارة الخارجية القطرية «بشدة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي الوحشية في قطاع غزة»، معتبرة أنها تشكل «تصعيداً خطيراً يهدد بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع».
وأكدت، في بيان، «ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار والالتزام به، بما يمهد لإنهاء الحرب على غزة، وتحقيق السلام العادل والمستدام في المنطقة».
وحتى ظهر الخميس، لم تعلن إسرائيل بعد العودة إلى الالتزام بوقف النار، كما سبق لها أن فعلت عند تنفيذ ضربات في غزة بعد بدء سريان الاتفاق.
وأسفر هجوم «حماس» عن مقتل 1221 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استنادا إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
في المقابل، أسفرت عمليات القصف الجوي والبري الإسرائيلية التي تلت هجوم 7 أكتوبر، عن مقتل ما لا يقل عن 69546 فلسطينياً، معظمهم من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة في القطاع والتي تعدّها الأمم المتحدة موثوقة.
وتسببت الحرب بدمار هائل في القطاع، وأزمة إنسانية وصلت إلى حد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في بعض مناطقه.

