
حسين زلغوط
خاص- موقع “رأي سياسي”:

من المنتظر أن ترفع اللجنة الوزارية المكلفة درس قانون الانتخابات النيابية اليوم الخميس ملاحظاتها النهائية إلى مجلس الوزراء، في خطوة تُعدّ محطة مفصلية على طريق بلورة الصيغة النهائية للقانون الانتخابي الجديد، وسط تصاعد التجاذبات السياسية حول بند اقتراع المغتربين الذي تحوّل إلى عقدة أساسية في النقاشات الحكومية والنيابية على السواء.
فمنذ أسابيع، تعمل اللجنة على دراسة المواد الخلافية في القانون، في محاولة لإيجاد صيغة توفيقية تحفظ مبدأ المساواة بين الناخبين المقيمين والمغتربين، وتراعي في الوقت نفسه التوازنات السياسية والطائفية الدقيقة التي تحكم النظام اللبناني. غير أنّ النقاش في الاجتماع الاخير الذي حصل الثلاثاء الفائت حول تصويت اللبنانيين في الخارج أعاد فتح أبواب الانقسام، بعدما تباينت المواقف بين من يعتبر أنّ للمغتربين الحق الكامل في ممارسة واجبهم الانتخابي على قدم المساواة مع المقيمين، ومن يرى أنّ آلية الاقتراع الخارجي قد تفتح الباب أمام اختلالات تمسّ التمثيل الداخلي وتوازناته الحساسة.
وتدور الخلافات حول ما إذا كان المغتربون سيقترعون للدوائر نفسها في لبنان أم ستُخصَّص لهم ستة مقاعد كما نصّ القانون السابق.
ويرى مؤيدو توسيع حق الاقتراع الخارجي أنّ إشراك اللبنانيين المنتشرين في العالم يعيد وصلهم بالحياة السياسية في وطنهم الأم، ويُكسب العملية الانتخابية بعداً وطنياً شاملاً، خصوصاً في ظل حجم التحويلات المالية والدور الاقتصادي والاجتماعي الذي يلعبه المغتربون في دعم الاقتصاد اللبناني المنهك.
أما المعارضون فيحذّرون من أنّ التصويت الخارجي، بصيغته الحالية، قد يُستخدم لتكريس نفوذ القوى السياسية في مناطق الاغتراب، ما يحوّله من فرصة وطنية إلى أداة لتضخيم التمثيل الطائفي أو الحزبي. كما يثير البعض مسألة صعوبة الإشراف الفعلي على مئات مراكز الاقتراع المنتشرة في عشرات الدول، في ظل ضعف الإمكانات اللوجستية والرقابية للدولة.
وبين هذه المقاربات المتناقضة، يبدو أنّ اللجنة الوزارية وجدت نفسها أمام معادلة معقّدة: كيف يمكن تعزيز المشاركة الديمقراطية من دون الإخلال بتوازنات الداخل؟ لذلك، فإن ما سيرفع إلى مجلس الوزراء اليوم قد يتضمّن صيغة وسطية تسمح باقتراع المغتربين ضمن الدوائر الأصلية في لبنان، مع الإبقاء على البحث مفتوحاً حول المقاعد الستة المخصّصة لهم إلى ما بعد الانتخابات المقبلة.
وفي انتظار ما سيقرّره مجلس الوزراء، تتجه الأنظار إلى الجلسة المنتظرة بوصفها اختباراً جديداً للسلطة التنفيذية في قدرتها على إدارة ملف انتخابي شائك، يتجاوز طابعه القانوني إلى عمق الصراع السياسي حول شكل التمثيل ومستقبل الحياة الديمقراطية في لبنان.
مع الاشارة هنا الى أنّ النزاع في هذا الملف تحول فعلاً إلى سباق على الوقت بين طرفيه، في ما يتعلق باقتراع المغتربين. فالجميع يعمل تحت ضغط انقضاء المهلة في 20 من الشهر الجاري، إذ سيكون بعدها حتمياً الرضوخ للأمر الواقع، علماً أنّ عدد المغتربين المسجلين للاقتراع في الخارج لم يتجاوز الـ33.3 ألفاً، وفق بيان وزارة الداخلية قبل يومين.
فهل تنجح الحكومة في إخراج القانون الانتخابي من عنق الزجاجة قبل دخول البلاد مرحلة الاستحقاق الدستوري؟ أم أنّ الخلاف حول اقتراع المغتربين سيفتح الباب أمام تأجيل جديد يضع العملية الانتخابية برمّتها على المحك؟
الجواب رهن بما سيحمله اليوم من مداولات ومفاجآت في السراي الحكومي.

