مصر تؤكد التزامها بمواصلة جهود تحقيق الاستقرار في السودان
أكدت مصر التزامها بمواصلة الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في السودان، وذلك في أعقاب التطورات الأمنية والإنسانية في مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور بغرب السودان.
جاء ذلك خلال محادثات أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في القاهرة، الأربعاء، مع نظيره السوداني محيي الدين سالم، حيث تناولا آخر المستجدات على الساحة السودانية، لا سيما الأوضاع في مدينة الفاشر وما تشهده من تطورات إنسانية وأمنية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف إن الوزير عبد العاطي أكد على «دعم مصر الكامل للشعب السوداني الشقيق، والتزامها بمواصلة جهودها الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في السودان»، مشيراً إلى انخراط مصر بفاعلية في المسارات الساعية إلى وقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية شاملة تتيح نفاذ المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة المدنيين.
وشدد عبد العاطي، خلال لقائه نظيره السوداني، على تمسك مصر بوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية، مؤكداً أن أمن السودان واستقراره يعدان جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة.
وكانت «قوات الدعم السريع» بالسودان قد أعلنت، الأحد الماضي، سيطرتها على الفرقة السادسة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بعد معارك وصفتها بـ«الضارية». وفي المقابل، قال رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إن «قيادة الجيش في الفاشر قررت مغادرة المدينة لما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين».
«شبح التقسيم»
ويرى وزير الخارجية المصري الأسبق عضو مجلس «الشيوخ»، السفير محمد العرابي، أن توقيت زيارة وزير الخارجية السوداني للقاهرة مهم للغاية؛ «لأن الأوضاع في السودان تنذر بتفاقم وتصعيد غير مسبوقين، وشبح التقسيم أصبح وارداً، وبالتالي فإن التأكيدات المصرية على ضرورة وحدة وسلامة السودان ضرورية، مع رفض القاهرة سيطرة ميليشيات على أجزاء هامة من السودان».
وأضاف العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن الوزير السوداني أطلع نظيره المصري على نتائج محادثاته الأخيرة في الولايات المتحدة، «ومن المهم أن يكون هناك تنسيق بين مصر والسودان بشأن تحركات إنهاء الحرب، وخصوصاً أن البلدين يعملان معاً في ملفات أخرى عديدة بينها قضية سد النهضة الإثيوبي».
وأشار إلى تكثيف المشاورات الثنائية بين مصر والسودان، وكذلك داخل إطار «الرباعية»، التي تضم السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة، للوصول إلى هدنة إنسانية خلال الفترة المقبلة، مضيفاً: «هناك اهتمام مصري بأن تلعب الرباعية دوراً مؤثراً في وقف الحرب، على أن يكون ذلك بالتزامن مع اتجاه القاهرة نحو جمع القوى المدنية السودانية على طاولة واحدة في أقرب فرصة».

من جانب آخر، أجرى وزير الخارجية المصري، الثلاثاء، مشاورات هاتفية مع كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس، حيث شدّد الوزير المصري على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية، بما يصون مقدرات الشعب السوداني ويحقّق تطلعاته في مجال الأمن والاستقرار.
كما اتفق الجانبان على مواصلة التنسيق الوثيق بين القاهرة وواشنطن لدعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء النزاع المسلح وتسهيل الحل السياسي الشامل، بحسب بيان لوزارة «الخارجية المصرية».
المبادرات السياسية
وبحسب سفير مصر السابق في السودان حسام عيسى، استبقت مصر التطورات الأخيرة من خلال انخراطها في «الرباعية»، إلى جانب الزيارات التي قام بها وزير خارجيتها إلى الخرطوم، وهدفت إلى وضع «خريطة طريق» لإنهاء الحرب والتوصل إلى هدنة إنسانية، مشيراً إلى أنها تضغط الآن باتجاه تنفيذ مسار «الرباعية»، والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية وتقديم الدعم السياسي والتنموي المطلوب للحفاظ على وحدة واستقرار السودان.
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التعامل المصري مع التطورات السودانية يبقى من خلال العمل الدبلوماسي وتقديم كل أشكال المساعدات للأشقاء السودانيين والانخراط في مشروعات تنموية لتسريع إزالة تبعات الحرب؛ ويُعد ذلك أسلوباً في التعامل مع جميع الدول التي شهدت صراعات بين مكونات داخلية طالما أنه لم يتم المساس بالمصالح المصرية».

وأعربت مصر عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة في السودان، لافتة إلى ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتحقيق هدنة إنسانية فورية في جميع أرجاء السودان، وصولاً إلى الوقف الدائم لإطلاق النار. ودعت في بيان صادر عن وزارة الخارجية، مساء الثلاثاء، إلى هدنة فورية بما يحفظ أرواح المدنيين وسبل معيشتهم اليومية، ويصون مقدرات البلاد؛ مؤكدة في هذا الصدد مواصلتها تقديم كل الدعم الممكن للسودان لتخطي محنته الحالية.
وقال عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، لـ«الشرق الأوسط» إن تحركات القاهرة الأخيرة «تأتي على خلفية تطورات الفاشر وما يترتب على ذلك من محاولات قد تظهر خلال الفترة المقبلة بشأن الاعتراف بحكومة تحالف (تأسيس) الموازية الموالية لـ(قوات الدعم السريع) رغم أنها مرفوضة دولياً ولم يعترف بها أحد».
وأشار إلى أن مصر تدعم العودة إلى المبادرات السياسية في إطار «منبر جدة» و«اللجنة الرباعية» نحو وقف الحرب، والتأكيد على أن هناك «مؤسسات وطنية تقوم بدورها الآن في مواجهة مجموعات مسلحة ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد المواطنين الأبرياء».
وفي مارس (آذار) الماضي، قال عبد العاطي إن «تفكك الدولة السودانية خط أحمر بالنسبة لمصر، وأمر مرفوض تماماً»، مؤكداً أن دعم وحدة السودان واستقراره وبسط سيادة الدولة على كل أراضيه «أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية».

