أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب جولته الآسيوية باتفاق سلام بين كمبوديا وتايلاند، وسلسلة صفقات تجارية أبرمها في ماليزيا، الأحد. وأبدى ترمب ثقة كبيرة في التوصل إلى اتفاق «عظيم» مع الرئيس الصيني شي جينبينغ عندما يلتقيه في كوريا الجنوبية الخميس، عقب يومين من المحادثات التجارية المكثّفة الساعية لإنهاء التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقال الرئيس الأميركي للصحافيين في كوالالمبور: «أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق»، بعدما اختتم وزير الخزانة سكوت بيسنت ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ يومين من الاجتماعات. وأضاف: «سيكون عظيماً للصين، وعظيماً لنا».

وأكد بيسنت أن المحادثات التي تسعى للتوصل إلى اتفاق لتجنب فرض رسوم جمركية إضافية على بكين تصل نسبتها إلى 100 في المائة، «تُمهّد للقاء الرئيسين في إطار إيجابي جداً». وأعرب الوزير، في تصريحات لشبكة «إيه بي سي»، عن اعتقاده أنه «سيتم تجنب الرسوم الجمركية» التي كان يُفترض أن تدخل حيّز التنفيذ الشهر المقبل، مشيراً إلى التوصل لاتفاق مبدئي من شأنه أن يؤخر فرض الصين قيوداً على تصدير المعادن النادرة واستئنافها استيراد فول الصويا الأميركي. بدورها، أكدت الصين أنها توصلت إلى «توافق أولي» مع الولايات المتحدة لتسوية خلافاتهما التجارية. وقال ممثل الصين للتجارة الدولية، نائب وزير التجارة لي شينغانغ، للصحافيين إن «الصين والولايات المتحدة بحثتا بصورة بنّاءة حلولاً مناسبة للمسائل التي تثير مخاوف الطرفين، وتوصلتا إلى توافق أولي».
اتفاق سلام
وتصدر جدول أعمال ترمب في كوالالمبور على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين رئيسَي الوزراء الكمبودي هون مانيت والتايلاندي أنوتين تشارنفيراكويل.
ووصف ترمب الهدنة التي ساعد في التوسط فيها بعد أعنف اشتباكات بين الجارتين منذ عقود، بأنها «خطوة كبيرة»، مضيفاً أنه أبرم أيضاً «اتفاقاً تجارياً كبيراً مع كمبوديا، واتفاقاً بالغ الأهمية حول المعادن النادرة مع تايلاند».
وبناءً على الاتفاق، سيتم الإفراج عن 18 أسير حرب كمبودياً في تايلاند لأسباب إنسانية، بحسب ما جاء في بيان صحافي صادر عن وزارة الخارجية الكمبودية. واتفق البلدان مبدئياً على وقف إطلاق النار أواخر يوليو (تموز) الماضي، في اتفاق لعب ترمب دور الوساطة للتوصل إليه، وتبادل الطرفان منذ ذلك الحين الاتهامات بخرقه. وأثناء توجهه إلى ماليزيا، تحدّث ترمب عن «اتفاق سلام رائع… أفتخر بأنني لعبت دور الوساطة في التوصل إليه بين كمبوديا وتايلاند».
وأفاد وزير الخارجية الماليزي، محمد حسن، الذي شارك في المحادثات باسم رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، بأن الاتفاق يركّز على نشر مراقبين إقليميين في المناطق الحدودية المتنازع عليها. وقال: «نريد أن تتوقف عمليات خرق وقف إطلاق النار؛ لأنه بعد 28 يوليو، ورغم وقف إطلاق النار الساري، وقعت انتهاكات طفيفة». وأضاف أن «على البلدين سحب أسلحتهما الثقيلة من المناطق المعنية. وثانياً، يتعيّن على البلدين بذل جهود لتفكيك أو إزالة أو تدمير الألغام التي تم زرعها عند الحدود».
#بيان | تعرب وزارة الخارجية عن ترحيب المملكة العربية السعودية باتفاق وقف إطلاق النار بين مملكة تايلند ومملكة كمبوديا، مثمنةً كافة الجهود المبذولة لإنهاء النزاع الحدودي بين البلدين والتمهيد إلى سلام مستدام يحقق تطلعات البلدين والشعبين. pic.twitter.com/VyXJokrNH5
— وزارة الخارجية (@KSAMOFA) October 26, 2025
من ناحيتها، رحّبت السعودية بوقف إطلاق النار وأشادت بجهود إنهاء النزاع الحدودي بين البلدين والتمهيد إلى سلام مستدام يحقق تطلعات البلدين والشعبين، وفق بيان لوزارة الخارجية السعودية. وجددت السعودية دعمها التام للجهود الدبلوماسية الهادفة إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، بما يضمن إرساء الأمن والسلم الدوليين، مشيدة في هذا الصدد بجهود كلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وماليزيا.
استقبال حافل
تُعدّ هذه أول زيارة يجريها ترمب كرئيس إلى ماليزيا، حيث واكبت مقاتلتان ماليزيتان من طراز «إف-18» طائرته الرئاسية لدى اقترابها من الهبوط. ومُدّت السجادة الحمراء له في مطار كوالالمبور، حيث استقبله رئيس الوزراء أنور إبراهيم، في حين أدّت فرقة رقصة تراثية تفاعل معها ترمب بالابتسام والرقص.
بعد استقباله بتشريفات كبرى، غادر الرئيس الأميركي مطار كوالالمبور في سيارته المُدرّعة من طراز «كاديلاك» برفقة رئيس الوزراء الماليزي للتوجه إلى وسط المدينة. ووقّع ترمب وإبراهيم اتفاقاً تجارياً يعزز وصول الولايات المتحدة إلى المعادن النادرة. وبموجب الاتفاق، تعهدت كوالالمبور «الامتناع عن حظر أو فرض حصص على صادرات المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة»، وتسريع تطوير قطاع المعادن النادرة بالتعاون مع شركات أميركية. في المقابل، أبقت واشنطن على معدل تعرفة جمركية بنسبة 19 في المائة على معظم الصادرات القادمة من ماليزيا وتايلاند وكمبوديا، في حين سيتم الإبقاء أيضاً على معدل 20 في المائة المفروض على فيتنام. وفي جميع الاتفاقات التي أبرمها ترمب، يمكن إلغاء هذه التعرفات على بعض المنتجات.
وأمام قادة إحدى أكثر المناطق تضرراً من التعرفات الجمركية، قال ترمب: «رسالتنا إلى دول جنوب شرق آسيا هي أن الولايات المتحدة تقف إلى جانبكم بنسبة 100 في المائة، ونعتزم أن نكون شريكاً قوياً لعدة أجيال قادمة». كما التقى الرئيس الأميركي في كوالالمبور الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في ظل تحسن العلاقات مؤخراً بينهما بعد أشهر من التوتر. وقال ترمب للولا: «أعتقد أننا سنكون قادرين على التوصل إلى بعض الصفقات الجيدة».
لقاء محتمل مع كيم
بعد ماليزيا، من المتوقع أن يصل ترمب إلى طوكيو الاثنين، حيث يلتقي رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة ساناي تاكايتشي. وقال الرئيس الأميركي إنه سمع «أشياء عظيمة عنها»، وأشاد بأنها كانت مقربة من رئيس الوزراء الياباني الأسبق شينزو آبي الذي تم اغتياله والذي كانت تربطه به علاقات وثيقة. وأعلنت تاكايتشي أنها أبلغت ترمب، في مكالمة هاتفية السبت، أن «تعزيز التحالف بين اليابان والولايات المتحدة هو الأولوية القصوى لإدارتي على الصعيدين الدبلوماسي والأمني».

وتمكّنت اليابان من تجنّب أعلى الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على دول في مختلف أنحاء العالم لإنهاء ما وصفه بالاختلالات التجارية التي تتيح «نهب الولايات المتحدة».
وبعد اليابان، سيتّجه ترمب إلى كوريا الجنوبية، وهي أبرز محطة في جولته، حيث سيلتقي الرئيس الصيني للمرة الأولى منذ عودته إلى البيت الأبيض. ومن المقرر أن يصل ترمب إلى مدينة بوسان الساحلية الجنوبية الأربعاء، قبل قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، حيث سيلتقي الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ.
وتترقب الأسواق العالمية التطورات الخميس لمعرفة ما إذا كان الاجتماع مع شي يمكن أن يوقف الحرب التجارية التي أشعلتها رسوم ترمب الجمركية الشاملة، خصوصاً بعد النزاع الأخير بشأن القيود التي فرضتها بكين على صادرات المعادن النادرة. وبعد قمّته مع شي، لمّح ترمب إلى «انفتاحه» على لقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في كوريا الجنوبية؛ ما سيُشكّل سابقة منذ لقائهما الأخير عام 2019. وقال وزير التوحيد الكوري الجنوبي إن هناك فرصة «كبيرة» لعقد اللقاء في المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين. بدوره، أعرب كيم عن انفتاحه على لقاء الرئيس الأميركي «إذا تراجعت واشنطن عن مطلبها أن تتخلى بيونغ يانغ عن ترسانتها النووية».

