أكدت إيران ضرورة ما سمّته «التنفيذ الكامل» للاتفاق الأمني الموقع مع العراق، محذرة مما وصفته بـ«مخطط أميركي لاحتلال العراق»، في حين شددت بغداد على التزامها بعدم السماح باستخدام أراضيها أو أجوائها للإضرار بجيرانها، خاصة إيران.
جاء ذلك خلال الزيارة التي أجراها مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي إلى طهران؛ حيث التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس أركان القوات المسلحة اللواء عبد الرحيم موسوي، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين الأمنيين الإيرانيين.
وقال موسوي، في تصريح صحافي، الأربعاء، إن «الاعتداءات الأخيرة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة على إيران كشفت بوضوح نوايا واشنطن لاحتلال الأجواء والأراضي العراقية»، معتبراً أن توثيق العلاقات بين الشعبين الإيراني والعراقي «يمثل مصدر قلق استراتيجياً للأميركيين».
ودعا موسوي إلى «التطبيق الكامل للاتفاق الأمني باعتباره ضرورة لحفظ الاستقرار في المنطقة».
من جانبه، أكد الأعرجي التزام بغداد الكامل بتنفيذ الاتفاق الأمني، مشدداً على أنه «لا يجوز لأي دولة استخدام الأراضي العراقية للإضرار بأمن دول الجوار، وبالأخص إيران».
ووقعت بغداد وطهران، في مارس (آذار) 2023 اتفاقية أمنية للتعاون والتنسيق لحماية حدود البلدين.
ونقل الأعرجي خلال لقائه الرئيس الإيراني «تحيات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني»، وبحث الجانبان تطوير التعاون الثنائي، خاصة في المجالين الأمني والاقتصادي، إلى جانب جهود خفض التصعيد في المنطقة.
«خروقات» الحرب
كانت مصادر عراقية قد أكدت أن طهران أبلغت بغداد باعتراضها على ما اعتبرته خروقات للاتفاق الأمني خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوماً، تضمنت مزاعم باستخدام الأجواء العراقية لاستهداف مواقع داخل إيران، وتهريب طائرات مسيّرة ومعدات عبر الحدود.
وخلال محادثاته مع رئيس الأركان الإيراني، شدد الأعرجي على مواصلة التنسيق الاستخباري وتنفيذ التزامات العراق بشأن نزع سلاح الجماعات المعارضة لطهران والموجودة في إقليم كردستان، وهو بند رئيسي في الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين في مارس 2023.
وقال وزير داخلية حكومة إقليم كردستان، الذي حضر اللقاء، إن الإقليم ملتزم بعدم استخدام أراضيه منطلقاً لأي نشاط ضد إيران، وإنه مستمر في تنفيذ التفاهمات الأمنية ذات الصلة.
وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، قد صرح بعد لقائه الأعرجي في طهران، الاثنين، بأن إسرائيل والولايات المتحدة استخدمتا الأراضي العراقية خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً في شهر يونيو (حزيران).
واتهم لاريجاني الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، قائلاً: «هذا مثال واضح؛ فالولايات المتحدة لا تريد للعراق، الذي ناضل لسنوات من أجل استقلاله، أن يكون سيد قراره. ونحن نرى هذا السلوك نموذجاً لطريقة تعامل واشنطن مع سائر دول المنطقة».
وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد التوتر الإقليمي بعد المواجهات الأخيرة؛ حيث تسعى طهران إلى تفعيل الاتفاقات الأمنية مع بغداد لضمان أمن حدودها الغربية، ومنع أي نشاط معادٍ ينطلق من الأراضي العراقية، بينما تحاول بغداد الحفاظ على توازن دقيق بين علاقاتها مع إيران ومصالحها مع واشنطن والقوى الإقليمية الأخرى.