
كتب سري القدوة في صحيفة الدستور.
التطورات السياسية والميدانية في الأرض الفلسطينية تتصاعد في ظل تفاقم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني نتيجة العدوان المستمر، والانهيار الكارثي في القطاعات الصحية والتعليمية، والدمار الواسع الذي طال البنية التحتية في قطاع غزة، كما تتصاعد سياسات الاستعمار وجرائم المستعمرين في الضفة الغربية، والانتهاكات المتكررة بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة .
منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قام الاحتلال بتدمير أكثر من 102,067 مبنى بشكل كلي، فيما تضرر، بشكل كبير، حوالي 192,812 مبنى، وتقدر أعداد الوحدات السكنية التي تم تدميرها، بشكل كلي أو جزئي، بما لا يقل عن 330,500 وحدة سكنية، إضافة إلى تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والمقرات الحكومية، إلى جانب آلاف المباني من المنشآت الاقتصادية، وتدمير مناحي البنى التحتية كافة، من شوارع، وخطوط مياه وكهرباء، وخطوط الصرف الصحي، وتدمير الأراضي الزراعية، ليجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش.
بعد أكثر من عامين من الحرب المدمرة، تكبد قطاع غزة دمارا واسع النطاق ونزوحا جماعيا ومعاناة إنسانية عميقة، ومع ذلك يبقى الشعب الفلسطيني متمسكا بأرضه وحقوقه ويرفض اقتلاعه منها، ولا بد من دعم عملية الاعمار بوتيرة سريعة وتطبيق برامج التعافي كاملة تحت مسؤولية فلسطينية تعيد الكرامة والأمل بعد كل هذا الدمار والخراب، ويجب إعادة بناء غزة كجزء غير محاصر، ومتصل، ومزدهر من دولة فلسطين بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وإعلان نيويورك وأهمية مطالبة الدول بالامتثال للآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة .
إعادة الإعمار يجب أن تكون بقيادة فلسطينية، ودعمٍ وإسناد من الأشقاء العرب والشركاء الدوليين، وضرورة تمكين دولة فلسطين ومؤسساتها من العمل على الأرض في قطاع غزة، ومساندة جهودها من قبل مؤسسات الأمم المتحدة، وضرورة ان تعمل اللجنة الإدارية لقطاع غزة تحت إدارة دولة فلسطين وبإجماع وطني فلسطيني، وعدم السماح بوجود أي فراغ إداري أو أمني في القطاع، ولا بديل عن مؤسسات الأمم المتحدة للعمل في قطاع غزة ضمن نطاق تقديم الخدمات الإنسانية والصحية والتعليم إلى جانب مؤسسات دولة فلسطين، وأن أي محاولات لتجاوزها لن يخدم جهود الإغاثة وصولا للتعافي وإعادة الإعمار .
يجب ان يكون الأمن والحكم في غزة بمرجعية وقيادة وطنية فلسطينية، ومرتبط بشكل وثيق بالمؤسسات الوطنية، ومتوافق مع القانون الدولي، وفي الوقت نفسه أهمية العمل على ربطه بشكل مباشر ضمن قواعد العمل بدولة دولة فلسطين، وضرورة الانفتاح على الدعم والمساندة من الشركاء العرب والدوليين، من اجل الاستقرار وحماية المدنيين، بما في ذلك وعند الضرورة من خلال وجود دولي أو إقليمي مؤقت ومحدد بوضوح، بتفويض من مجلس الأمن، وينفذ بالتنسيق مع دولة فلسطين، ويجب أن تكون هذه الترتيبات محددة زمنيا، وخاضعة بشكل كامل للسيادة الفلسطينية وسلطتها الشرعية .
وبات من الضروري تكثيف الجهود الدولية لضمان تثبيت وقف إطلاق النار، والمضي قدما نحو تحقيق حل الدولتين، والاعتراف الأمريكي بدولة فلسطين، والشروع في عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وفتح المعابر أمام تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، و تحرك عاجل وجاد لإنقاذ حل الدولتين وصون الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة وحق تقرير المصير، وضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وتنفيذ مخرجات مؤتمري نيويورك وشرم الشيخ .