كشفت مصادر موالية للجيش السوداني عن تنفيذ عملية إسقاط مظلي مزدوجة ثانية، أوصلت عتاداً عسكرياً ومؤناً لقواته المحاصَرة داخل مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، صباح الثلاثاء، في عملية وصفت بـ«المنسقة والناجحة».
وفي موازاة ذلك، أعلنت «قوات الدعم السريع» إسقاط طائرة مسيرة من طراز «بيرقدار أكينجي» تركية الصنع، في سماء المدينة.
وقالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» – شبابية طوعية – في بيان، إن طائرة شحن حلقت في سماء المدينة على ارتفاعات عالية، ثم أسقطت حمولتها في مناطق سيطرة الجيش.
وأفاد شهود عيان بأن الدفاعات الجوية التابعة لـ«قوات الدعم السريع» لم تتعرض لها. ثم أعقبت ذلك، عملية ثانية نفذتها طائرة أخرى، أسقطت خلالها مؤناً وعتاداً داخل «الفرقة السادسة مشاة» التابعة للجيش.
ونقلت تقارير صحافية، عن مصدر عسكري بالفرقة، أن الإمدادات التي تم إسقاطها «تضمنت ذخائر متنوعة ومواد غذائية وأدوية منقذة للحياة، تسلمتها الوحدات المحاصرة». وقال: «العملية إنجاز لوجيستي يعيد الروح لقواتنا في المدينة».
وفشل الجيش منذ أبريل (نيسان) الماضي في إيصال إمدادات لقواته المحاصرة في الفاشر، إثر إسقاط «قوات الدعم السريع» لطائرات تابعة له في أجواء المدينة، لكنه أفلح في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي في ذلك عبر إسقاط جوي.
وعملية «الثلاثاء» هي الثانية بعد عملية «سبتمبر».
في المقابل، قال الناطق باسم «قوات الدعم السريع»، في بيان، إن قوات الدفاع الجوي التابعة لها أسقطت فجر الثلاثاء طائرة مسيرة من طراز «بيرقدار أكينجي» تركية الصنع في سماء الفاشر.
وفي حين بثت مواقع صوراً لحطام يبدو أنه لـ«مسيرة»، أكد بيان «الدعم»، أن المسيرة التي تم إسقاطها «هي المسيرة التي كانت تنفذ هجمات على المدنيين، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى».
وأضاف البيان: «ما يرتكبه جيش الحركة الإسلامية (…) من جرائم إبادة وتطهير عرقي، يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي». لكن الجيش السوداني دأب على نفي تلك الاتهامات، وفي بيان منفصل صدر في وقت سابق، أكد أن «قواته استهدفت مواقع عسكرية محددة تابعة للميليشيا المتمردة».
وكانت قيادة «الفرقة السادسة» أكدت، في بيان الاثنين، أن «الجيش والقوات المشتركة والمستنفرين تصدوا لهجوم واسع شنته ميليشيا أسرة دقلو من ثلاثة محاور، ودمروا عربات قتالية، وقتلوا قادة ميدانيين ومرتزقة أجانب».
وشددت على «أن الأوضاع مستقرة وتحت السيطرة».
وشهدت الفاشر يوم الاثنين، ما يمكن وصفه بـ«هجوم كبير»، شنته «قوات الدعم السريع» على «الفرقة السادسة»، بعد أن حشدت له قدرات عسكرية كبيرة، واستخدمت فيه العديد من الآليات العسكرية والمصفحات.
وذكر الناشط المهتم بأخبار الحرب محمد خليفة، على صفحته بمنصة «فيسبوك»، أن الهجوم بدأ بقصف مدفعي عنيف على مناطق سيطرة الجيش وحلفائه، وأن القوات المهاجمة تقدمت تحت غطاء من المسيرات نحو «الفرقة السادسة» من أربعة محاور: الجنوبي، والشمالي، والشمالي الغربي، والشمالي الشرقي.
وأفلحت القوات المهاجمة في تحقيق تقدم لافت، وتوغلت حتى ميدان سباق الخيل والسوق و«مدرسة الفاشر الثانوية»، فيما دخلت قوات قادمة من المحور الجنوبي إلى مبنى «السلاح الطبي»، و«سلاح المهندسين»، و«سلاح الإشارة». لكن قوات الجيش ومن معه تصدت للهجوم، وكبدت المهاجمين خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، بما في ذلك قادة ميدانيون، ما اضطرهم للتراجع.
إغاثة المدنيين
ومع تصاعد العمليات العسكرية، دعت «تنسيقية لجان المقاومة» في الفاشر، المنظمات الإنسانية إلى تنفيذ إسقاط جوي عاجل للمساعدات، أسوة بالإسقاط الجوي الذي نفذه الجيش لتزويد قواته بالعتاد والمؤن، وقالت في بيان على منصة «فيسبوك»: «الوضع الإنساني في الفاشر كارثي، آلاف المدنيين يعانون نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والدواء، فيما يزداد عدد الجرحى يوماً بعد يوم. نناشد العالم بأن يسقط الخبز والدواء من السماء، كما تسقط الأطراف ذخائرها».
وتعد الفاشر آخر عاصمة في إقليم دارفور تحت سيطرة الجيش، وتخضعها «قوات الدعم السريع» منذ أبريل 2024 لحصار خانق، تسبب في مجاعة كبيرة وشح في السلع الغذائية وارتفاع أسعارها بصورة غير مسبوقة، واضطر الناس للاعتماد على أعلاف المواشي بمثابة غذاء لهم، فيما تتواصل الاشتباكات العنيفة بشكل شبه يومي، ما يهدد حياة آلاف المدنيين الذين تقطعت بهم السبل من دون غذاء أو دواء.