ثلاثة سيناريوهات لـ«هدنة غزة» بعد هجوم الدوحة
أثار الاستهداف الإسرائيلي لقيادات بحركة «حماس» على أراضي قطر، إحدى دول الوساطة في ملف التهدئة بقطاع غزة، تساؤلات بشأن السيناريوهات المرتقبة للمحادثات التي تناقِش قبل الضربة مقترحاً أميركياً بشأن صفقة شاملة.
وبينما توعدت إسرائيل بعمليات اغتيال جديدة، حصر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» السيناريوهات المحتملة في ثلاثة مسارات هي: التوصل لصفقة بضغوط أميركية، أو تجميد مؤقت للمفاوضات، أو تصعيد أكبر لإسرائيل يقود لجمود كامل بالعملية التفاوضية وتعليق مؤقت لأدوار الوساطة.
وقُتل في الهجوم خمسة من أعضاء حركة «حماس» من بينهم همام، نجل رئيس الحركة في غزة وكبير مفاوضيها خليل الحية الذي نجا مع القيادة العليا بالحركة خلال مناقشة مقترح أميركي بشأن وقف إطلاق النار بالقطاع، وفق بيان لحركة «حماس» مساء الثلاثاء.
وقالت مصر التي تقود الوساطة مع قطر والولايات المتحدة إن «العمل العدواني الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم على دولة قطر، استهدف اجتماعاً لقيادات فلسطينية في العاصمة القطرية الدوحة لبحث سبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار». وعدَّت الهجوم «اعتداءً مباشراً على سيادة قطر، التي تضطلع بدور محوري في جهود الوساطة من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويقوض المساعي الدولية الرامية إلى التهدئة».
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء، إن الغارة الجوية تهدد بعرقلة محادثات السلام التي تتوسط فيها قطر. وتلي ذلك تصريحات من متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أكد خلالها أن إسرائيل تتعمد إفشال المفاوضات كلما اقتربت من تحقيق اختراق والتوصل لاتفاق، لكنه أشار إلى أن بلاده لن تتراجع عن دور الوساطة.
أما الولايات المتحدة، الوسيط الثالث في مفاوضات الهدنة، فقالت في بيان للبيت الأبيض إن الهجوم «تم دون تشاور، ولا يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية».
موقف «حماس»
جاء الاستهداف بعد يومين من قول الرئيس الأميركي دونالد ترمب: «الجميع يريد عودة الرهائن إلى ديارهم ونهاية هذه الحرب، ولقد قبل الإسرائيليون شروطي، وحان الوقت لـ(حماس) أن تقبلها أيضاً».
وقالت «حماس» في بيان، الأحد، إنها تلقت أفكاراً من واشنطن و«جاهزة فوراً للجلوس إلى طاولة المفاوضات لبحث إطلاق سراح جميع الأسرى في مقابل إعلان واضح بإنهاء الحرب»، لافتة إلى أن «الحركة في اتصال مستمر مع الوسطاء لتطوير هذه الأفكار إلى اتفاق شامل».
وعن موقف «حماس» بعد محاولة اغتيال قادتها في الدوحة وتأثير ذلك على مسار المفاوضات، أكدت مصادر من الحركة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك إجماعاً داخل قيادة (حماس) على ضرورة استكمال المفاوضات بطريقة تتناسب مع تحقيق مطالب الفلسطينيين وتضمن وقف الحرب بشكل كامل، وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع».
وأشارت المصادر إلى أنه «سيتم خلال الأيام المقبلة التواصل مع الوسطاء مجدداً بعد استقرار الوضع الأمني، بما يسمح باستئناف جهود المفاوضات».
ولفتت إلى أنه «ستجري مشاورات داخلية بطرق آمنة لتحديد طريقة إدارة المفاوضات بما يضمن نجاح تحقيق مطلب إنهاء الحرب».
هل من ضغط أميركي؟
ويرى مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، خالد عكاشة، إمكانية الذهاب لصفقة شاملة حال ضغطت واشنطن على إسرائيل من أجل ذلك.
ورجّح عكاشة هذا السيناريو بعد الهجوم، بينما توقع أن يكون السيناريو الثاني هو تجميد المفاوضات وهو ما عدَّ أنه «سيكون حكماً بالانتحار على الرهائن». أما السيناريو الثالث في رأيه فهو «تصعيد إسرائيلي أكبر يخالف كل نداءات وقف الحرب ويقود لجمود كامل بالعملية التفاوضية».
ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن هجوم الدوحة «غيَّر المعادلة» وأن «ما قبله ليس كما بعده في كل المستويات، لا سيما في مسار المفاوضات».
وتوقع مطاوع تجميداً مؤقتاً للمحادثات ثم عودة للاتفاق، أو حديث اتفاق بضغط على «حماس» لقبول مقترح ترمب دون أن يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «أثماناً لهجومه». كما رجح أيضاً استمرار نتنياهو في التصعيد العسكري.
ويتماشى هذا الاحتمال التصعيدي مع تحذير وجهه السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، في ساعة مبكرة من الأربعاء حين قال: «إذا كانت إسرائيل قد أخطأت أي أهداف خلال هجوم الدوحة، فإنها ستصيبها في المرة القادمة»، مؤكداً أن عناصر «حماس» موضوعون على قائمة الأهداف «في أي مكان وزمان».
ولدى سؤال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، الأربعاء، عن تأثير الضربة على مفاوضات وقف إطلاق النار، قال: «الإجابة الصريحة هي أننا لا نعلم. (حماس) رفضت كل شيء حتى الآن. يرفضون باستمرار كل عرض يطرح على الطاولة»، حسبما أوردت وكالة «رويترز».
وكرر هاكابي موقف الولايات المتحدة وإسرائيل بضرورة «رحيل» مسلحي «حماس» وألا يكون لهم أي مستقبل في إدارة قطاع غزة.
«رؤية جديدة تتناغم مع التطورات»
وفي خضم إدانة الاستهداف الإسرائيلي لقطر، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، خلال اتصال هاتفي، ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإدانة التصعيد العسكري الإسرائيلي، وفق بيان للرئاسة المصرية.
وفي ظل التهديدات الإسرائيلية والضبابية الأميركية، لا يعتقد عكاشة أن يكون هناك سيناريو لصفقة سريعة، مرجحاً أن تبلور واشنطن رؤية جديدة تتناغم مع التطورات، مع استكمال قطر لدورها الوسيط وتفويت الفرصة على إسرائيل في تعمد تخريب المفاوضات.
في حين يرى مطاوع أن المطروح مستقبلاً في ظل التطورات الحالية سيكون متوافقاً مع معطيات ترمب وإسرائيل، وأن تكون هناك ضغوط على «حماس» للموافقة على الشروط المطروحة لوقف التصعيد العسكري المحتمل إسرائيلياً الذي قد يؤدي لتعليق مؤقت لأدوار الوساطة، لا سيما من جانب قطر.