يستعد الجيش الإسرائيلي، الأحد، لتهجير الفلسطينيين إلى جنوب قطاع غزة، في سياق تسريع خطة الهجوم الإسرائيلي المخطط له على شمال القطاع، الذي يشهد أوضاعاً إنسانية كارثية، بالتزامن مع المفاوضات التي تتوسط فيها مصر وقطر الرامية لوقف إطلاق النار.
وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على أن إسرائيل “لن توافق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلا في سياق (صفقة شاملة)”، مشروطة بـ”نزع سلاح حركة (حماس)، واحتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على القطاع”، حسبما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مكتب نتنياهو.
وقال أفيخاي أدرعي، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في منشور على منصة “إكس”: “سيتم نقل المعدات عن طريق معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل أفراد سلطة المعابر البرية التابعة لإسرائيل”.
في الإطار، عبر ناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، عن قلقه بسبب خطط إسرائيل لنقل الفلسطينيين إلى جنوب غزة، قائلاً إن ذلك “لن يؤدي إلا إلى زيادة المعاناة”.
وقال مسؤولون فلسطينيون وآخرون من الأمم المتحدة، إنه “لا يوجد مكان آمن في القطاع، بما في ذلك المناطق الواقعة في جنوب غزة التي أمرت إسرائيل سكان القطاع بالانتقال إليها”.
بدورها، قالت حركة “الجهاد الإسلامي” في فلسطين، إن إعلان الجيش الإسرائيلي، إدخال خيام إلى جنوب قطاع غزة “استهزاء فجّ ووقح بالمواثيق الدولية وامتهان صارخ لما يسمى بالمؤسسات الأممية التي تدّعي أنها وُجدت لحماية المدنيين وضمان حقوق الشعوب تحت الاحتلال”.
ومن المتوقع أن تشهد إسرائيل، الأحد، احتجاجات تطالب بالإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، وإنهاء الحرب على غزة، إذ أعلنت شركات وجامعات إسرائيلية عديدة، الإضراب عن العمل، الأحد.
وبحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، فإن “مجلس أكتوبر”، الذي يمثل بعضاً من أفراد عائلات الرهائن الإسرائيليين في غزة، بالإضافة إلى منتدى الرهائن وعائلات المفقودين، سينظمون الاحتجاجات.
وأعلن المنتدى، مساء السبت، استعداده لاستقبال ما يقرب من مليون شخص في ساحة الرهائن في تل أبيب، وانضمام عشرات الآلاف إلى أنشطة في مئات المواقع الأخرى في جميع أنحاء إسرائيل.
خطة السيطرة على مدينة غزة
يأتي ذلك، بعدما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن الهجوم الإسرائيلي المقرر على شمال غزة، سيسبقه عمليات إجلاء إلى “مناطق آمنة” من مدينة غزة، التي وصفها بأنها آخر معاقل حركة “حماس”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قال، السبت، إن خطط الهجوم الجديد “لا تزال قيد الإعداد”، إذ عرض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زمير، على وزير الدفاع “مبادئ خطة” السيطرة العسكرية على مدينة غزة، فيما قال الأخير إنه ينتظر “خطة كاملة” للعملية للموافقة عليها، حسبما أوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وفي وقت سابق قبيل الاجتماع، أوضح رئيس الأركان الإسرائيلي، خلال كلمة في أحد المعسكرات على هامش مراسم تغيير قادة، إن الجيش يكمل استعداداته لتعميق هجومه ضد “حماس” وقدراتها العسكرية في غزة، وأضاف أن “المفهوم الرئيسي للسيطرة على مدينة غزة، والذي وافق عليه مجلس الوزراء الأمني المصغر قد يتطلب حشد ما بين 80 ألفاً إلى 100 ألف جندي من قوات الاحتياط”.
تقليص الجدول الزمني للهجوم الجديد
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية “مكان”، أن الجيش الإسرائيلي “يستعد لتطويق مدينة غزة في وقت أبكر من خلال تقليص فترات الجدول الزمني للعملية”.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الأسبوع الماضي، أن الهجوم على مدينة غزة، لن يبدأ على نحو كبير قبل نهاية أغسطس الجاري، وأنه من المتوقع استمرار التحضيرات للعملية حتى الخريف (الثلث الأخير من سبتمبر المقبل)، قبل توسيع الهجوم إلى “قتال شامل في الأماكن الحضرية”.
ومع ذلك، زادت القوات الإسرائيلية بالفعل من عملياتها في ضواحي مدينة غزة خلال الأسبوع المنصرم، إذ أشار فلسطينيون في حيي الزيتون والشجاعية إلى قصف إسرائيلي جوي ومدفعي مكثف، استهدف منازل عديدة.
وتحدث السكان في شمال قطاع غزة، عن انفجارات، السبت، نتجت عن قصف دبابات إسرائيلية لمنازل في الأنحاء الشرقية من حي الزيتون، إذ قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه بدأ عملية جديدة في حي الزيتون لتحديد مواقع المتفجرات وتدمير الأنفاق وقتل المسلحين في المنطقة.
وتتزامن هذه التحركات العسكرية المتسارعة، فيما شدد نتنياهو، على عدم قبول أي اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا ضمن “صفقة شاملة”، على حد وصفه.
وأضاف أن “إسرائيل ستوافق على صفقة بشرط أن يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين دفعة واحدة، وبما يتوافق مع شروطنا لإنهاء الحرب، وتشمل تجريد حركة حماس من أسلحتها، ونزع السلاح من قطاع غزة، واحتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على غزة”.
كما تشمل هذه الشروط، “وضْع هيئة حاكمة لا تنتمي لحماس ولا السلطة الفلسطينية تعيش في سلام مع إسرائيل”، وفق بيان مكتب نتنياهو الذي نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وفي إطار ذلك، أجرى وفد من حركة “حماس”، الأربعاء الماضي، مباحثات مع مسؤولين مصريين في القاهرة، لبحث جهود استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، فيما أفادت مصادر مطلعة لـ”الشرق”، بأن الوسطاء يعملون على “مقترح جديد لاتفاق شامل” يبدأ بهدنة مدتها شهرين، ويتضمن “صفقة شاملة” لتبادل الأسرى.
وأعلنت قوى وفصائل فلسطينية من بينها حركة “حماس”، الخميس، عقد مناقشات في العاصمة المصرية القاهرة، بشأن مجمل التطورات السياسية، والميدانية، وخاصة الحرب الإسرائيلية على غزة، داعيةً مصر لـ”رعاية اجتماع وطني طارئ لكافة القوى والفصائل الفلسطينية، بهدف الاتفاق على استراتيجية وطنية لمواجهة مخططات الاحتلال”.
وذكرت الفصائل، في بيان، أن المشاركين “أكدوا أن الأولوية القصوى في هذه المرحلة هي الوقف الفوري والشامل للعدوان، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية فوراً بشكلٍ آمن ودون عوائق”.
وشددت على ضرورة “التجاوب الكامل مع مبادرات ومقترحات الحل بما يحقق متطلباتنا الوطنية، بإنهاء العدوان وانسحاب قوات الاحتلال ورفع الحصار الظالم”.