
رغم الأزمات المتراكمة التي تخنق لبنان على المستويات كافة، لا تزال واشنطن تُمارس سياسة “تمرير الوقت”، من دون أن تُبدي أيّ جدية في الدفع نحو تسوية شاملة. وقد جاءت زيارة رجل الأعمال الأميركي من أصل لبناني توم برّاك إلى بيروت للمرة الثالثة، لتضيف مشهدًا جديدًا من الحراك غير المثمر، حيث غادر من دون نتائج ملموسة أو مبادرات واضحة.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن زيارة برّاك حملت طابعًا استطلاعيًا أكثر منه تحرّكًا سياسيًا فاعلًا، حيث تشير المعطيات إلى أن برّاك التقى عددًا من الشخصيات السياسية والاقتصادية اللبنانية، في محاولة لجسّ نبض الشارع السياسي، وربما البحث في فرص استثمارية مستقبلية في حال تبدّلت الظروف، لكن من دون أن يحمل في جعبته أيّ مبادرة أميركية أو وساطة فعلية.
ورغم ما حاول البعض تسويقه عن أن برّاك قد يكون رسولًا غير مُعلن لإدارة أميركية جديدة – سواء عبر علاقاته السابقة أو طموحاته المستقبلية – إلا أن مجريات الزيارة أظهرت محدودية تأثيره في الواقع اللبناني الراهن، خصوصًا في ظل انكفاء واشنطن الرسمي عن المشهد، وانشغالها بملفات الشرق الأوسط الساخنة من غزة إلى أوكرانيا، وصولًا إلى التوتر مع الصين.
وتؤكّد المصادر أن الإدارة الأميركية الحالية ليست في وارد تقديم أيّ مبادرة جدية تجاه لبنان في الوقت الراهن، مفضّلةً مراقبة الوضع عن بُعد، ومتابعة ما يجري في الجنوب اللبناني والتصعيد مع إسرائيل، دون الانخراط الفعلي في إيجاد حلّ نهائي.
لا شك أن زيارة توم برّاك، وإن عكست اهتمامًا فرديًا من شخصية وازنة في الأوساط المالية الأميركية، إلا أنها بقيت بلا مضمون سياسي فعلي، لتؤكد أن مفتاح الحل لا يزال مفقودًا، وأن سياسة “شراء الوقت” هي القاعدة التي تحكم المقاربة الدولية للملف اللبناني حتى إشعارٍ آخر.