تسريبات إسرائيلية – أميركية جديدة تتحدث عن حدوث «تفاهمات» على طاولة المفاوضات الدائرة منذ نحو أسبوعين بالدوحة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث عن مرونة من حكومة بنيامين نتنياهو، لا سيما في ملف الانسحابات.
تلك التفاهمات التي قال مصدر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، إنها تشمل «مقاربات جديدة تقرب من اتفاق»، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تعطي دفعة للمفاوضات، خاصة أن بند الانسحابات كان الأكثر خلافاً بين الطرفين مع إصرار الحركة الفلسطينية على رفض الخرائط التوسعية في احتلال مساحات كبيرة من القطاع، ورجحوا أن يشهد ملفا المساعدات الإنسانية وضمانات إيقاف الحرب تقدماً حال استمر الضغط الأميركي على نتنياهو وتجاوز الخلافات.
وتستضيف الدوحة منذ 6 يوليو (تموز) الحالي مفاوضات غير مباشرة بين «حماس» وإسرائيل، برعاية الوسطاء مصر وقطر وأميركا للذهاب إلى اتفاق هدنة ثالثة في غزة بعد أولى في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ومن المتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع قادة من «حماس» في الدوحة، السبت، للحصول على موافقتهم على الاتفاق المحتمل بعد التفاهمات والتحديثات الجديدة التي شملها الاتفاق المحتمل، وفق ما ذكره الموقع الإخباري الأميركي، «أكسيوس»، لافتاً إلى أن قطر ومصر والولايات المتحدة قدمت لإسرائيل و«حماس» «مقترحاً محدثاً يتعلق بنطاق الانسحاب العسكري الإسرائيلي من غزة في أثناء وقف النار، ونسبة السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل محتجز إسرائيلي».
وحسب ما نقله «أكسيوس»، الخميس، أصرت إسرائيل في السابق على الحفاظ على وجود في منطقة تمتد 5 كيلومترات شمال ممر «فيلادلفيا» على طول الحدود بين غزة ومصر، وخفضت الآن هذا المطلب إلى 1.5 كيلومتر، وهو ما يقترب من مطلب «حماس» بانسحاب إسرائيل إلى نفس الموقع كما كان إبان وقف النار الأخير في يناير الماضي.
وهذا قريب مما تحدثت عنه هيئة البث الإسرائيلية، نقلاً عن مصادر مطلعة، الخميس، لافتة إلى أن «حماس» وافقت على الخريطة الجديدة التي عرضتها إسرائيل في الدوحة، التي سينسحب بموجبها الجيش من محور «موراغ» بين خان يونس ورفح جنوبي قطاع غزة.
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية عن مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى، قوله إن التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين، الذي يشمل إطلاق سراح 10 محتجزين، وإعادة جثث 18 آخرين، بالإضافة إلى هدنة لمدة 60 يوماً، أمر «ممكن» في ضوء التفاهمات الجديدة مع «حماس».
غير أن مصدراً قال لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، إنه لا يزال يتعين على الجانبين التوصل إلى تفاهمات بشأن آليات توزيع المساعدات الإنسانية، وعدد وهويات الأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلق سراحهم خلال الهدنة التي تستمر شهرين.
ويعتقد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن التفاهمات الجديدة لا سيما المتعلقة بالخرائط تعطي دفعة جديدة للمفاوضات، وقد تسهم في بلورة اتفاق خاصة أن تلك التفاهمات قريبة مما تطلبه «حماس».
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن التفاهمات الجديدة جاءت ضمن مصالح يريد نتنياهو تحقيقها، وكذلك «حماس»؛ فالأول يريد تهدئة داخلية لصالح مكاسبه السياسية بإخراج دفعة رهائن جديدة؛ لذا كل التسريبات الإسرائيلية تتحدث عن «تقدم ملحوظ»، أما الحركة «فتريد إيهام الفلسطينيين أنها بذلت مجهوداً كبيراً لإحراز هذا الاتفاق، رغم أنها تلام على تعطيله منذ شهور».
بالتوازي لا يزال التفاؤل الأميركي يتواصل ونقلت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، عن مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الرهائن، آدم بولر، قوله: «نحن أقرب إلى اتفاق بشأن غزة مما كنا عليه في الماضي»، بينما أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن نتنياهو قرر إبقاء الوفد المفاوض في الدوحة حتى التوصل إلى اتفاق حول غزة.
وكان مصدر من حركة «حماس» مطلع على مسار محادثات الدوحة حول غزة، تحدث، الخميس، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك مقاربات واقعية تُطرح حالياً بمفاوضات الهدنة، لكن الاتفاق يتوقف بشكل أساسي على موقف الولايات المتحدة، التي تملك أدوات الضغط على إسرائيل»، مؤكداً أن «أي تقدم حقيقي يجب أن يُبنى على انسحاب إسرائيلي واضح من قطاع غزة، وهذا شرط أساسي لا يمكن تجاوزه».
ويعتقد أنور أن واشنطن تريد إبرام هذا الاتفاق في أقرب وقت، وتواصل تكرار ذلك الموقف الذي قد يكون بمثابة رسالة منها لطرفي الحرب للتوقف عن أي تعطيل، وأرجع ذلك إلى رغبة واشنطن في تقليل الجبهات المشتعلة بالمنطقة، والتركيز على جبهات أخرى محل اتفاق مع إسرائيل، وفي مقدمتها ضمان التزام طهران في ملفها النووي.
ويرجع مطاوع هذا التفاؤل الأميركي إلى علم واشنطن بأن الاتفاق محسوم بالموافقة من نتنياهو، وأن التأخير الحالي شراء للوقت للوصول لإجازة الكنيست، الأسبوع المقبل، لمنع إسقاط حكومته، معتقداً أن «حماس» ليس لديها خيارات سوى القبول بهدنة جديدة حسمت في إطار تفاهمات أميركية – إسرائيلية في ملفات إقليمية لا سيما ملف طهران.