أعلن تيد ساراندوس، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة نتفلكس، الثلاثاء، عن استثمار يتجاوز مليار يورو في إسبانيا، وذلك في مركز الإنتاج الأوروبي التابع لنتفلكس في مدريد، بالتزامن مع احتفال الشركة بمرور 10 سنوات على انطلاقها في إسبانيا.
وأكدت نتفلكس أنها ستستثمر أكثر من مليار يورو (1.14 مليار دولار) في إسبانيا خلال الفترة بين 2025 و2028، وذلك في مؤتمر صحفي حضره تيد ساراندوس، والذي ألقى كلمة شاملة وقصيرة بالمناسبة.
شارك في الحدث أيضاً دييجو أڤالوس، نائب رئيس المحتوى في نتفلكس لمنطقة إسبانيا والبرتغال وتركيا، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الذي ضخّ من خلال “خطة إسبانيا السمعية البصرية” ما يقارب 1.6 مليار يورو (1.8 مليار دولار) في هذا القطاع.
تناولت كلمة ساراندوس إنجازات نتفلكس في إسبانيا والعوامل الرئيسية التي ساهمت في نجاحها، مشيداً بالقوانين الإسبانية التي “تشجع على الإبداع والتفكير الابتكاري طويل الأمد”، في إشارة ضمنية ناقدة لبلدان أخرى مثل فرنسا، حيث تقدمت نتفلكس في أبريل الماضي بطعن أمام مجلس الدولة ضد قواعد العرض الزمني هناك، في ظل نقاشات أوروبية حول فرض حصص أكثر صرامة على خدمات البث.
واعتبر ساراندوس أن هذا الاستثمار البالغ 1.2 مليار دولار مثال على كيفية استفادة نتفلكس والصناعة المحلية عندما تعمل المنصة بالتوازي مع الحكومة.
وركز في خطابه على ما تحقق في إسبانيا خلال السنوات العشر الماضية، متجنباً الخوض في خلافات قانونية مثل تلك القائمة في فرنسا.
أكبر مجمع استوديوهات
تحدث ساراندوس من مركز الإنتاج الأوروبي “الرفيع المستوى” في منطقة تريس كانتوس، شمال مدريد، حيث أنشأت نتفلكس أكبر مجمع استوديوهات لها في أوروبا يضم 10 مساحات تصوير.
وقال: “إلى جانب التراث الثقافي الغني، وصناعة الترفيه النابضة بالحياة، والموهبة الإبداعية اللامعة، فإن إسبانيا أيضاً مكان ممتاز لممارسة الأعمال، كل ذلك ألهمنا لتأسيس مقرنا الجميل هنا في تريس كانتوس – كرمز على التزامنا العميق والمستمر بإسبانيا”.
هذا الاستثمار الجديد الذي يتجاوز مليار يورو يوازي تقريباً استثمارات نتفلكس في فرنسا، حيث يصل حجم الإنفاق السنوي على الإنتاج الفرنسي من مسلسلات وأفلام ووثائقيات إلى نحو 250 مليون يورو (285.1 مليون دولار)، وفق تصريح بولين دوفان، نائبة رئيس المحتوى في فرنسا، في أبريل الماضي.
ويأتي هذا الالتزام في إسبانيا رغم أن عدد مشتركي نيتفلكس فيها يبلغ 8.7 مليون فقط، مقارنة بـ 14.6 مليون في فرنسا، بحسب تقديرات شركة “أومديا”.
ويرجع سبب تفوق إسبانيا إلى أن السنوات العشر الماضية كانت “استثنائية بكل المقاييس”، كما وصفها ساراندوس، فبفضل أعمال مثل Money Heist وSociety of the Snow، سجلت إسبانيا ثمانية أعمال في قائمة أكثر العروض غير الناطقة بالإنجليزية مشاهدة على نتفلكس، متقدمة على فرنسا (5 أعمال)، كوريا الجنوبية (2)، المكسيك (2)، النرويج (2) وألمانيا (1).
وأضاف: “في العام الماضي فقط، حققت الأعمال الإسبانية أكثر من 5 مليارات ساعة مشاهدة على نتفلكس” – وهو أفضل أداء لأية دولة غير ناطقة بالإنجليزية في أوروبا، متجاوزاً فرنسا وألمانيا بمعدل الضعف.
1000 عنوان إسباني
وفي تقديمه للفعالية، قال دييجو أڤالوس إن “المحتوى المصنوع في إسبانيا أصبح من بين الأكثر شعبية عالمياً، إلى جانب الكوري والياباني، وما حققته أعمال مثل La Casa de Papel، Las Chicas del Cable، La Sociedad de la Nieve، A través de mi ventana وSoy Georgina يثبت ذلك”.
وتحدث ساراندوس بإسهاب عن الإمكانات الإنتاجية قائلًا: “زرت استوديوهات أيقونية كثيرة حول العالم – لكن المرافق هنا لا مثيل لها: 22 ألف متر مربع، 10 مساحات تصوير متميزة، منشأة ما بعد الإنتاج على مستوى عالمي، وتجربة متكاملة”.
واستعرض بعض أبرز الأعمال التي صُورت في تريس كانتوس مثل: Society of the Snow للمخرج J.A. Bayona، الفائز بـ12 جائزة “جويا” والمشارك في الأوسكار، Elite من كارلوس مونتيرو، أطول مسلسل إنتاجًا على نتفلكس، Money Heist، Berlin، والمسلسل المرتقب Billionaires’ Bunker من أليكس بينا وإستير مارتينيز.
وأشار إلى أن المركز كان أول من أدخل تقنيات HDR وصوت Dolby Atmos في إسبانيا، ويضم شاشات افتراضية ضخمة مثل 30×6 متراً، ما يجعله سابقاً حتى لهوليوود في بعض الحلول التقنية.
وتابع ساراندوس: “لدينا جمهور هائل يُقدّر بأكثر من 700 مليون شخص، ثلثاهم خارج الولايات المتحدة. ومن أجل النمو عالمياً وإرضاء جمهور متنوع بهذا الحجم، فإن استراتيجيتنا هي تقديم محتوى مميز من حول العالم يبدأ أولاً من قصص محلية أصيلة”.
وضرب مثالاً بإسبانيا: “منذ 2017، عرضنا أكثر من 1000 عنوان إسباني، قادمة من كل أنحاء البلاد: من Las Chicas del Cable في مدريد، إلى The Snow Girl في الأندلس، وNowhere المصور في شواطئ سيتجيس، وAll The Truth Behind My Lies الجاري تصويره في مورسيا”.
وأضاف أن نتفلكس صوّرت في أكثر من 200 مدينة وبلدة في جميع الأقاليم الإسبانية، ما وفّر منافع اقتصادية حقيقية للمجتمعات المحلية، وساهم في دعم أكثر من 20 ألف وظيفة في القطاع السمعي البصري الإسباني.
وأشار أڤالوس إلى تعاون نتفلكس مع أكثر من 60 شركة إنتاج محلية، من بينها Bambú وBowfinger وMOD وVaca وغيرها، وجميعها كانت حاضرة في الفعالية.
وضوح الهوية
واستذكر ساراندوس لحظة إطلاق مسلسل Money Heist عالمياً في 20 ديسمبر 2017، والذي أصبح أول عمل غير ناطق بالإنجليزية يحقق نجاحًا عالمياً على نتفلكس.
وقال: “ما جعل Money Heist عملاً رائداً هو أنه كان محلياً تماماً – مليئاً بالشغف اللاتيني والميلودراما والنكهة الإسبانية، من أقنعة دالي إلى البدل الحمراء وأغنية Bella Ciao – كلها أصبحت رموزاً ثقافية عالمية”.
وختم قائلًا: “السبب في أن هذه الأعمال لاقت صدى عالمياً هو وضوح هويتها – إسبانية أصيلة، صنعت في إسبانيا، بأيدي صناع وفنانين وتقنيين إسبان، ولأجل الجمهور الإسباني”.
ومن جهته، قال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز: “عندما جاءت نتفلكس إلى بلدنا قبل عشر سنوات، لم تغيّر فقط طريقة مشاهدتنا، بل غيّرت الطريقة التي يرى بها العالم إسبانيا، من أحيائنا ومدننا الصغيرة، خرجت مسلسلات عظيمة اجتاحت الشاشات العالمية، بلغتنا ولهجتنا وبصمتنا الإسبانية”.
