كشف تقرير صادر عن «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا» تفاصيل مجزرة «شارع علي الوحش» التي طالت سكان مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب دمشق، والتي وقعت في يناير (كانون الثاني) عام 2014، وأسفرت عن اختفاء أكثر من 1500 شخص، بينهم أطفال ونساء، ولم ينجُ منهم سوى 11 شخصاً.
التقرير الذي حمل عنوان «طريق الموت»، وجاء في 103 صفحات، سلط الضوء على واحدة من أبشع الجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب السورية، متهماً قوات النظام السوري السابق، والميليشيات الموالية له، بارتكاب انتهاكات جسيمة وصلت إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.
وكان النظام السوري قد فرض حصاراً خانقاً على مخيم اليرموك والمناطق المحيطة به في يوليو (تموز) 2013، أدى إلى مجاعة راح ضحيتها المئات. وفي صباح يوم الأحد الخامس من يناير 2014، انتشرت شائعات عن فتح «ممر إنساني» عبر «شارع علي الوحش»، وتوافدت أعداد كبيرة من المدنيين المحاصرين من أبناء مخيم اليرموك وبلدات يلدا وبيت سحم وأحياء الحجر الأسود والتضامن والبويضة قرب دمشق، وغيرها من مناطق النازحين، إلى «شارع علي الوحش» الواصل بين بلدتَي يلدا وحجيرة، أملاً في النجاة من الحصار، إلا أن الطريق تحول إلى فخ مميت من قبل النظام والميليشيات التابعة له؛ إذ تعرض المدنيون للاعتقال والتعذيب والإعدام الممنهج.
يقول التقرير إن «حاجز علي الوحش» كانت تسيطر عليه مجموعة «أبو الفضل العباس» المشكّلة من عناصر عراقية موالية لـ«الحرس الثوري» الإيراني وللنظام السوري آنذاك. وقد تلقى المدنيون بعض الطعام من عناصر الحاجز، مما شجع بقية المحاصرين على التوافد، وفي الساعة العاشرة من صباح ذلك اليوم بدأت عناصر الحاجز فصل الشباب عن الأطفال والنساء وكبار السن، ثم قصفت قوات النظام مناطق تجمع المحاصرين على الشارع؛ ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين.
وبحسب تقرير مجموعة العمل وشهادات وثّقتها المجموعة، أجبر عناصر الحاجز المدنيين على رمي أوراقهم وهوياتهم الشخصية في براميل وحرقها، أو كسرها، وأعادوا النساء إلى بلدة يلدا القريبة بعد ضربهن، واعتُقل أكثر من 1200 مدني بينهم كبار في السن وأطفال وعدد من النساء والرضع، ووُضعوا في مستودعات ومحال تجارية.
وتضمن التقرير شهادات لعدد من الناجين، منهم مريم السويداني التي فقدت زوجها وطفلَيها في الحادثة. وقد روت كيف تعرض المدنيون للضرب والتنكيل، وكيف تم فصل الرجال عن النساء والأطفال قبل اعتقالهم. كما كشفت عن حالات اغتصاب وتعذيب وحشي، بما في ذلك إعدام رضيع أمام والدته، وحرق جثث الضحايا.
ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه هذه الجرائم، ومحاسبة المتورطين، وإحقاق العدالة للضحايا وعائلاتهم. كما طالب بضرورة الكشف عن مصير المفقودين وضمان حقوق عائلاتهم.
ويأتي هذا التقرير بعد مرور 11 عاماً على المجزرة، كمحاولة لكسر حاجز الصمت وتسليط الضوء على معاناة الضحايا، وهو يوثق لجرائم يُعتقد أنها ارتُكبت بإشراف مباشر من قوات النظام السوري والميليشيات الموالية له، بحسب تقديم الفريق الذي عمل عليه.