
باريس _ حسين زلغوط
خاص”رأي سياسي”:

تشهد العاصمة الفرنسية باريس منذ ثلاثة أيام حالة من القلق والذهول بعد أن تم الإبلاغ خلال حفل حاشد كان يقام في باريس نهاية الأسبوع الماضي بمناسبة عيد الموسيقى عن سلسلة من الحوادث المقلقة تتعلق بما يُعرف إعلاميًا بـ”الحقن الغامض”، حيث أعلنت السلطات الفرنسية عن فتح ثلاثة تحقيقات منفصلة، بعد أن أبلغت فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا، وفتى يبلغ من العمر 18 عامًا، وامرأة عن تعرضهم لحقن مجهولة من قبل أشخاص لم يتم التعرف عليهم، وذلك في ثلاثة مواقع مختلفة في العاصمة.
وبحسب ما أفاد مكتب المدعي العام في باريس، فإن الضحايا الثلاثة أبلغوا عن تدهور في حالتهم الصحية عقب الحادثة، مما استدعى التدخل الطبي الفوري وبدء التحقيقات الجنائية. ووفقًا للمصادر القضائية، لم تُحدَّد حتى الآن طبيعة المواد التي تم حقنها، ولا الدوافع الحقيقية وراء هذه الأفعال.
الحوادث الأخيرة ليست معزولة، إذ أكدت شرطة باريس أن عدد الحالات المشابهة بلغ 21 حالة في منطقة إيل دو فرانس وحدها، منها 13 حالة تم تسجيلها داخل العاصمة باريس. وتوزعت الحالات الأخرى على مناطق قريبة في الضواحي، مما يشير إلى انتشار الظاهرة على نطاق أوسع مما كان يُعتقد.
وتقول الشرطة إن معظم الحالات تتشابه من حيث التفاصيل: يشعر الضحية بوخز مفاجئ في الذراع أو الساق أثناء وجوده في مكان عام مكتظ – مثل المهرجانات، أو الحانات، أو المواصلات العامة – ثم تبدأ أعراض غريبة بالظهور، مثل الدوار، الغثيان، وتسارع نبضات القلب، مما يضطر المصابين إلى طلب المساعدة الطبية.
وقد أثارت هذه الحوادث موجة من الغضب والذعر بين سكان باريس وزوارها، لا سيما وأن السلطات أعلنت عن اعتقال عدد من المشتبه بهم على خلفية هذه القضايا. وقد عبر العديد من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من الخروج ليلًا أو ارتياد الأماكن العامة، وطالبوا بتكثيف التدخل الأمني ومراقبة كاميرات المراقبة.
من جهتها، قالت إحدى الضحايا، وهي فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، إنها شعرت بوخزة في فخذها أثناء حضورها حفلة موسيقية في إحدى ساحات باريس، وتابعت: “لم أرَ أحدًا خلفي، وفجأة شعرت بالدوار والتعب الشديد… ظننت في البداية أنني مصابة بهبوط في الضغط، لكن الأمر كان أخطر من ذلك”. وتخضع الفتاة الآن للمراقبة الطبية، فيما أُرسلت عينات من دمها للتحليل.
وأكد مكتب المدعي العام أن التحقيقات تركز حاليًا على جمع الأدلة من مواقع الحوادث، وتحليل كاميرات المراقبة، والبحث عن شهود عيان. كما أوضح أن الخبراء الطبيين يجرون اختبارات متقدمة لتحديد نوع المادة التي تم حقن الضحايا بها، وسط مخاوف من أن تكون مخدرات قوية أو مواد كيميائية ضارة.
من جانبها، دعت الشرطة الفرنسية المواطنين إلى اليقظة والإبلاغ الفوري عن أي سلوك مشبوه، كما نشرت على حساباتها الرسمية مجموعة من النصائح، من بينها تجنب الأماكن المزدحمة دون ضرورة، والانتباه لأي شخص يقترب من الجسم بشكل غير مبرر.
الجدير بالذكر أن هذه الحوادث ليست الأولى من نوعها في أوروبا، فقد سُجلت سابقًا حوادث مماثلة في المملكة المتحدة وبلجيكا وإسبانيا، حيث تحدثت وسائل إعلام عن تعرض أشخاص لحقن غامضة خلال مشاركتهم في حفلات أو فعاليات جماهيرية. ولا تزال الدوافع مجهولة، بين من يعتقد أنها جرائم منظمة تهدف إلى التسميم أو التخدير لأغراض الاعتداء، ومن يرى فيها مجرد أعمال تخريب نفسي.