أكد مكتب المفتش العام الأميركي الخاص لإعادة إعمار أفغانستان («سيغار» اختصاراً)، وهو ذراع رقابية تابعة للجيش، أن «طالبان» تستخدم القوة وغيرها من الوسائل لتحويل مسار المساعدات الدولية، ومنع الأقليات من تلقي المعونات، وربما تتواطأ مع مسؤولين في الأمم المتحدة للحصول على عمولات غير مشروعة.
وجاء ذلك في أحدث تقرير أعده «سيغار» استناداً إلى شهادات نحو 90 مسؤولاً أميركياً من الحاليين والسابقين ومسؤولين في الأمم المتحدة وآخرين، بينهم مواطنون من أفغانستان، حيث خلصت إلى أن «طالبان» التي وصلت إلى الحكم في كابل بعد انسحاب القوات الأميركية وتلك التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) من البلاد في 30 أغسطس (آب) 2021، تستخدم كل الوسائل المتاحة لديها بما فيها القوة لضمان وصول المساعدات إلى حيث تريد هي وليس إلى حيث يريد المانحون.
وتتمثل مهمة الرقابة لمكتب المفتش العام في «إجراء وإشراف على عمليات التدقيق والتحقيقات المتعلقة بالبرامج والعمليات الممولة بالمبالغ المخصصة أو المتاحة بطريقة أخرى لإعادة إعمار أفغانستان»، بالإضافة إلى «منع واكتشاف الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام في مثل هذه البرامج والعمليات». وهو يرسل تقاريره ربع السنوية إلى وزيري الخارجية والدفاع.
ورفض الناطق باسم «طالبان» حمد الله فطرت هذه الاتهامات، مؤكداً أن المساعدات الدولية توزع بشكل مستقل في أفغانستان. وأضاف أن الجهات الحكومية تتعاون لـ«ضمان الشفافية» ومنع تحويل مسار المساعدات.
وكشف «سيغار» عن أن موظفاً في منظمة إغاثة أفغانية شارك في إعداد التقرير قُتل بسبب فضحه تحويل مسار المساعدات الغذائية إلى معسكر تدريب تابع لـ«طالبان»، من دون أن يحدّد هوية الموظف. ولم ترد الأمم المتحدة على الفور على طلب للتعليق.
وجاء في التقرير أن المانحين الدوليين قدموا 10.72 مليارات دولار مساعداتٍ، ومنها 3.83 مليارات دولار من الولايات المتحدة بين أغسطس2021 وأبريل (نيسان) 2025 عندما أنهت إدارة الرئيس دونالد ترمب معظم المساعدات الأميركية. واتهم «طالبان» بأنها استخدمت القوة والصلاحيات التنظيمية، وغير ذلك من الوسائل للسيطرة على المساعدات. وشمل ذلك تحديد المنظمات الإنسانية المسموح لها بالعمل وتوجيه المساعدات الممولة من الولايات المتحدة إلى مجتمعات الباشتون التي تمثل الغالبية على حساب الأقليات الأخرى، وابتزاز العاملين في مجال العمل الإنساني. ولفت إلى أن الهيئة استمعت أيضا لشهادات تضمنت ادعاءات عن أن مسؤولين في الأمم المتحدة طلبوا رشى من شركات ومنظمات إغاثة مقابل الحصول على عقود من الأمم المتحدة. وقال إن مسؤولين من الحركة المتشددة «تواطأوا مع مسؤولين في الأمم المتحدة لطلب رشى من المتعاقدين مع الأمم المتحدة، وقاموا لاحقاً بتقاسم ما جمعوه».
عمل النساء
من جهة أخرى، تلقت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) تقارير عن قيام سلطات «طالبان» بعرقلة حق المرأة في العمل، على رغم تأكيداتها أن الإسلام يسمح للنساء بالعمل وريادة الأعمال.
وبناءً على رصد قامت به دائرة حقوق الإنسان التابعة للبعثة؛ يشير تحديث جديد إلى أنه في مايو (أيار) الماضي، تعرضت العشرات من موظفات الأمم المتحدة الوطنيات لتهديدات صريحة بالقتل من أفراد مجهولين فيما يتعلق بعملهن مع بعثة الأمم المتحدة ووكالات وصناديق وبرامج أخرى تابعة للمنظمة الدولية.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن ذلك «تطلب منا تنفيذ تدابير مؤقتة لحماية سلامة زملائنا». وأضاف أنه وفقاً للتحديث، أبلغت سلطات الأمر الواقع بعثة الأمم المتحدة في اتصالات لاحقة معها أن موظفيها غير مسؤولين عن ذلك، إلا أن وزارة داخلية السلطات الفعلية تجري تحقيقاً في هذا الشأن. وأشار إلى أن البعثة لاحظت أن مراقبة سلطات الأمر الواقع لالتزام النساء تعليمات الحجاب تكثفت على ما يبدو في بعض أنحاء البلاد، بالإضافة إلى تسجيل حوادث للعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات، بما في ذلك حالات اتُهم فيها مسؤولون في «طالبان» بفرض الزواج قسراً على عدد من النساء.