قوبلت رواية إسرائيلية جديدة بشأن صهر الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، أشرف مروان، زعمت تورط الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي في اغتياله بالعاصمة البريطانية لندن عام 2007، بنفي أرملته ومصادر مصرية مطلعة.
وتوفي مروان بشكل غامض في لندن 27 يونيو (حزيران) 2007 بعد سقوطه من شرفة منزله ولم تتوصل الشرطة الإنجليزية لأسباب وفاته، فيما وصفه الرئيس الراحل مبارك بعد أيام من وفاته، بأنه كان«وطنياً مخلصاً وقام بأعمال وطنية لم يحن الوقت بعد للكشف عنها»، بينما شارك في جنازته عدد كبير من المسؤولين وقتها من بينهم جمال مبارك نجل الرئيس.
ونشرت الصحافية الإسرائيلية المتخصصة بالشأن المصري، سمادار بيري، مقالاً ادعت فيه، أن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك «أبلغها شخصياً» بمسؤولية الرئيس الليبي معمر القذافي عن «اغتيال» أشرف مروان بعد عام 2007.
وزعمت الصحافية الإسرائيلية في مقال نشرته بصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن مبارك أبلغها بتدبير القذافي لعملية اغتيال مروان، بالإضافة إلى تمويل الرئيس الليبي لما عرف بـ«تنظيم ثورة مصر» الذي اغتال دبلوماسيين إسرائيليين في القاهرة منتصف الثمانينات، مؤكدة أن مبارك نفى لها أن يكون لإسرائيل أو لمصر دور في اغتياله.
ونفت أرملة أشرف مروان، الدكتورة منى جمال عبد الناصر لـ«الشرق الأوسط»، صحة ما ادعته الصحافية الإسرائيلية في مقالها، مؤكدة أنه «لا يوجد أي دليل على صدق ما تقوله، إلى جانب كونه يضم أموراً لا يمكن تصديقها لأسباب عدة من بينها توقيت نشر هذه الأكاذيب»، على حد وصفها.
وأضافت: «من المستحيل أن يكون للرئيس الليبي معمر القذافي دور فيما حدث لزوجها، في ظل العلاقات الطيبة التي كانت تجمع العائلة مع القذافي وعائلته»، عادّة أن «مثل هذه الأخبار، بمثابة محاولة لنشر أكاذيب لتشويه التاريخ من دون أن تكون هناك، أدلة تدعمها».
وشكل الدور الذي لعبه مروان وهو سكرتير الرئيس الأسبق أنور السادات، أحد الأمور المثيرة للجدل التي تتكرر باستمرار مع ادعاءات إسرائيلية مستمرة بأنه عمل «جاسوساً» لصالح تل أبيب خلال الحرب، لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا، إنه «قدم معلومات مضللة وعمل عميلاً مزدوجاً».
وقال الصحافي المصري عادل حمودة لـ«الشرق الأوسط»، إن الصحافية الإسرائيلية التي سردت هذا الادعاء لديها خبرة طويلة بالشأن المصري وكانت على علاقة قوية بعدد من الشخصيات السياسية المصرية، لكنه رجح «عدم دقّة روايتها لأسباب عدة، من بينها أن الرئيس الأسبق مبارك عندما كان يتحدث بمعلومات لا يطلب عدم نشرها، فضلاً عن حرصه فيما يقال، وما لا يقال للإسرائيليين».
وأضاف حمودة: «الرئيس الليبي السابق كانت له علاقة جيدة مع أشرف مروان، وهو أمر لم يقتصر فقط عليه، ولكن على غالبية رموز نظامه»، مستغرباً نشر هذه المعلومة في الوقت الحالي بعد أكثر من 14 عاماً على رحيل مبارك من السلطة، خصوصاً أنه تابع من كثب ملابسات الكشف عن اسم أشرف مروان على يد الباحث الإسرائيلي أهارون بيرجمان عام 2004.
رأي دعمه عضو مجلس النواب مصطفى بكري، الذي اعتبر، لـ«الشرق الأوسط»، أن«مثل هذه الأخبار تهدف لمحاولة تشويه صورة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي الذي رفض التطبيع مع إسرائيل وتصدى للعديد من الانتهاكات الإسرائيلية».
وأضاف: «مروان كان جزءاً من خطة الخداع الاستراتيجي التي نفذها الرئيس الراحل محمد أنور السادات ضد إسرائيل خلال الحرب، وهو حديث وثقه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في سيرته الذاتية نقلاً عن السادات»، مشيراً إلى أن الراحل «حظي بمكانة وتقدير يليقان به، وبرزا في جنازته التي حضرها كبار المسؤولين بالدولة».
وعلى مدار سنوات، وبمذكرات العديد من القادة الإسرائيليين، ذكر اسم أشرف مروان بعدّه «العميل بابل»، أو«الصهر» أو «الملاك»، لكن اسمه لم يعلن بشكل رسمي، بوقت نشر «الموساد» وثيقتين عام 2023 تضمنتا طلب مروان مقابلة رئيس «الموساد» تسفي زامير بشكل عاجل في لندن يوم 5 أكتوبر (تشرين الأول)، ومحضر الاجتماع الذي جرى باليوم التالي، وتضمن تحذيراً من اندلاع الحرب قبل 16 ساعة من نشوبها.
مدير «مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية»، محمد الأسمر استبعد لـ«الشرق الأوسط» الرواية الإسرائيلية الجديدة، عادّاً إياها «غير منطقية» وتفتقد الحد الأدنى من المصداقية، متسائلاً عن الأسباب التي يمكن أن تدفع الرئيس الليبي السابق لمثل هذه الخطوة.
وأضاف الأسمر أن «القذافي عرف بموقفه المناهض للإسرائيليين وعملائهم، فما الذي يدفعه لتدبير اغتيال رجل مصري وطني بشهادة الجميع نجح في خداع تل أبيب، لسنوات؟».
ورغم عدم وجود معلومات مؤكدة لدى السكرتير الأسبق للرئيس مبارك، مصطفى الفقي، حول تفاصيل الوفاة الغامضة للراحل أشرف مروان، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، فإنه يرجح تعرضه للاغتيال من جانب «الموساد» الإسرائيلي «على خلفية دوره في خطة الخداع الاستراتيجي، وقدرته على إيهام إسرائيل بنقل معلومات صحيحة إليهم خلال الحرب».
وقالت البرلمانية فريدة الشوباشي لـ«الشرق الأوسط»، إن الدور الذي لعبه أشرف مروان لصالح مصر كان «حاسماً» في مرحلة «حرجة». مشيرة إلى «أن الإسرائيليين يحاولون تشويه هذا الدور من وقت لآخر، بادعاءات مختلفة رفضاً للاعتراف بتعرضهم للخداع على مدار سنوات».