في عمق الخطوط الروسية، تسللت قوة كوماندوز أوكرانية إلى مواقع الجيش الروسي، وقطعت خطوط الإمداد، ودمرت مراكز القيادة في هجوم مفاجئ -وفقاً لكييف- قضى على كتيبة روسية بأكملها، وأوقف هجومها. وأفادت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (HUR) بمقتل ما لا يقل عن 334 جندياً روسيا، وإصابة أكثر من 550 آخرين.
ووفق تقرير نشرته صحيفة «التلغراف»، نفّذت المهمة وحدة «تيمور» الخاصة، وهي فرقة من قوات النخبة داخل الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، تُنفّذ كمائن وغارات سرية في البر والبحر.
عادةً ما تعمل الوحدة في الخفاء، ولكن يُنسب إليها بعضٌ من أكثر العمليات تطوراً ورمزيةً خلال الحرب التي استمرت 41 شهراً، مما أكسب قواتها مكانةً شبه أسطورية في أوكرانيا. قائدها هو المقدم تيمور، وهو اسمٌ حركيٌّ لرجلٍ يُنسب إليه نشر الذعر في الجبهة الروسية-الأوكرانية.
في 24 أغسطس (آب) 2023 -يوم استقلال أوكرانيا- أصبح بطلاً لمواطنيه عندما رفع العلم الأوكراني في شبه جزيرة القرم لأول مرة بعد ما يقرب من عشر سنوات من الاحتلال.
تضمنت الغارة الجريئة على شبه جزيرة البحر الأسود ركوب قوارب ثم دراجات مائية لمسافة 125 ميلاً لاقتحام قاعدة روسية تضم نظام حرب إلكترونية قوياً كان يشوش على صواريخ كييف. ورغم الاشتباكات مع الروس، تم ضرب الهدف وتمت الإشادة بالمهمة -التي أطلق عليها اسم «برودوجينيا سيلي» (القوة تستيقظ)- باعتبارها نجاحاً عسكرياً كبيراً.
لكن ربما كان الأهم هي الرسالة الصريحة التي بعثت بها: روسيا مُعرّضة للخطر.
قال المقدم تيمور لاحقاً عن العملية: «سيدرك سكان القرم أننا قد وصلنا، وسيفهم الروس أننا قادرون على الظهور في أي مكان وفي أي وقت».
تُعدّ وحدة «تيمور» من أكبر وحدات القوات الخاصة التابعة للاستخبارات العسكرية الأوكرانية، ولا يُعرف عدد جنودها، لكنها تتكون من نحو 20 وحدة أصغر متخصصة للغاية في الحرب غير النظامية.
تشتهر وحدتا «نوبودي» و«رافن» بحربهما المتطورة بالطائرات المسيرة براً وبحراً، بينما تتفوق وحدة «براتستفو» التابعة لها في الغارات البرمائية، وعمليات التخريب في الأراضي الروسية. أما «سبكتر 33»، وهي أيضاً جزء من قوات «تيمور»، فهي وحدة غوص قتالية متخصصة.
قال دميترو جمايلو، الخبير العسكري والسياسي والمدير التنفيذي لمركز الأمن والتعاون الأوكراني: «تكمن خصوصية هذه الوحدة الخاصة (تيمور) في أنها تضم وحدات متنوعة تتمتع بمهارات فريدة وتدريب خاص، معززة بخبرة في الحروب الحديثة».
وقال: «ربما تكون هذه الوحدة من أوائل الوحدات منذ الحرب العالمية الثانية التي نفذت غارات عميقة ناجحة بمهام سرية في الأراضي الخاضعة للسيطرة الروسية».
شاركت وحدة «تيمور» في بعض من أكثر معارك الحرب دموية، بدءاً من السيطرة على «طريق الحياة» في باخموت، وصولاً إلى الانقلابات التي رفعت الروح المعنوية، بما في ذلك تحرير جزيرة الثعبان في البحر الأسود، ومطاردة المرتزقة الروس في السودان.
ووفقاً لإيفان ستوباك، المحلل العسكري الأوكراني والضابط السابق في جهاز الأمن الأوكراني: «إنها مجهزة تجهيزاً جيداً بأسلحة غربية، ولديها خبرة واسعة في ساحة المعركة، ولديها دوافع عالية وفعالية فائقة».
في سومي، تجلّت براعة عمل الوحدة، على حد قوله، مشيراً إلى قدرتها الفريدة على القتال بسلاسة في الخنادق، والغابات، وفي الجو.
غزت روسيا المنطقة الشمالية الشرقية في وقت سابق من هذا العام، بهدف واضح هو إنشاء «منطقة عازلة» لمنع المزيد من التوغلات عبر الحدود من قِبل أوكرانيا إلى المناطق الحدودية الروسية.
زعمت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أول من أمس (الأربعاء)، أن التقدم الروسي في سومي «توقف فجأة» عندما تسللت وحدة «تيمور» إلى مواقع العدو، و«هزمت» مئات من الجنود الروس في قتال متلاحم، وغارات جوية. وأضافت أن ما يقرب من 1000 جندي روسي قُتلوا أو جُرحوا.
لم تُحدد الاستخبارات العسكرية الأوكرانية التاريخ أو الموقع الدقيق للمعركة، لكن المحللين ومعلومات استخباراتية مفتوحة المصدر تُظهر أن العمليات الهجومية الروسية في المنطقة الشمالية الشرقية توقفت في أواخر مايو (أيار).
نفذت العملية وحدات عديدة تابعة لوحدة «تيمور».
في مايو، نفذت وحدة «تيمور» هجوماً بقيادة مروحيات في منطقة خاركيف. ومثل هجوم سومي، تميز الهجوم بتزامن مميت للقوة الجوية، والمدفعية، وضربات الطائرات المسيرة، وعمليات التخريب خلف الخطوط الروسية.
كان الهجوم محاولة لإحباط محاولات روسيا عبور نهر أوسكيل، الذي يُعدّ خط دفاع طبيعياً رئيساً ضد قوات العدو التي تصل إلى مدينة كوبيانسك، وهي معقل حيوي على الطرف الشمالي من خط المواجهة.
وأفادت وحدة «تيمور» بأن القوات الخاصة ضربت 600 ملجأ روسي تحت الأرض، وتسعة مستودعات ذخيرة ميدانية، وثمانية معابر نهرية، وقتلت أو جرحت 439 جندياً معادياً.
في أغسطس 2023، نُقل 100 جندي، معظمهم من وحدة «تيمور»، جواً إلى السودان للمساعدة في طرد المتمردين المدعومين من مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية من الخرطوم في خضم الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد.
ووسعت القوات الخاصة خط المواجهة بين أوكرانيا وروسيا ليصل إلى أفريقيا، حيث دربت جنود الجيش السوداني على حرب الطائرات المسيرة والتقنيات الحديثة، ونفذت غارات ليلية، وساعدت في استعادة الأراضي.