في نهاية عام 1889، رسم الفنان الهولندي فينسنت فان جوخ، ثلاث نسخ من لوحة “قطاف الزيتون”. وصف الأولى بأنها دراسة للطبيعة، والثانية بأنها نسخة مرسم بألوان رصينة. أما الثالثة فيه الأكثر دقة وأسلوبية، فأهداها لأخته ووالدته، وكتب إليهما قائلاً: “آمل أن تنال لوحة النساء في أشجار الزيتون إعجابكما. لقد أرسلتُ رسماً لها إلى غوغان وأعجبته”.
“نساء يقطفن الزيتون”، واحدة من 15 لوحة على الأقل لبساتين الزيتون التي رسمها الفنان الهولندي قبل عام واحد من وفاته، أثناء احتجازه الطوعي في ملجأ في سان ريمي في بروفانس الفرنسية.
كان فان جوخ مفتوناً بأغصان الزيتون المتشابكة والملتوية خارج أسوار المصح. بالنسبة له، كانت تنقل القوة والألم والبقاء. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك ارتباطات دينية. فالرسام كان واعظاً علمانياً في شبابه، وارتبطت لوحاته المذكورة ارتباطاً وثيقاً بمعاناة السيد المسيح عند سفح جبل الزيتون.
اليوم وبسبب هذه اللوحة تحديداً، يواجه متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، دعوى قضائية تتعلق باللوحة التي باعها المتحف لجامع يوناني عام 1972.
ويرفع ورثة يهود دعوى قضائية ضد المتحف الأميركي ومؤسسة يونانية، بسبب اللوحة الزيتية، “التي اشتراها الزوجان هيدويج وفريدريك ستيرن عام 1935، وقالا أنه تمّ إجبارهما جبرا على تركها في ألمانيا عند فرارهما من النازيين، عشية الحرب العالمية الثانية”.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” التي نشرت تقريراً حول الموضوع، فإن الدعوى “تتهم متحف متروبوليتان، الذي اشترى اللوحة عام 1956 مقابل مبلغ 125 ألف دولار، بالتقصير في البحث العلمي، لعدم اكتشافه مصدر العمل المشبوه قبل شرائه”.
أضافت: “عام 1972، باع المتحف اللوحة إلى قطب شحن يوناني، وتسعى الدعوى التي رفعها الورثة الآن إلى استعادتها”.
وذكرت الدعوى “أن الصفقة أشرف عليها ثيودور روسو الابن، أمين متحف اللوحات الأوروبية، والخبير بالأعمال الفنية التي نهبها النازيون. كان روسو عضواً في وحدة النخبة في الحرب العالمية الثانية المعروفة باسم “رجال الآثار”، والتي تعقّبت الأعمال الفنية المنهوبة واستعادتها”.
وتزعم الدعوى أن “روسو ومتحف المتروبوليتان كانا على علم، أو كان ينبغي عليهما، أن يعلما بأن اللوحة ربما نُهبت على يد النازيين”.
وأكد المتحف أنه أصدر بياناً عام 2022، عندما رفع ورثة ستيرن الدعوى القضائية للمرّة الأولى، لا يزال يعكس موقفه. وفي البيان قال: “إنه “خلال فترة ملكيته للوحة لم يكن هناك أي سجل يفيد بأنها ملك لعائلة ستيرن، وأن هذه المعلومات لم تُنشر إلا بعد عقود عدّة من مغادرة اللوحة لمجموعة المتحف”.
تسعى الدعوى إلى مطالبة متحف متروبوليتان “بتعويض الورثة عن القيمة التي حصلت عليها من حيازتها واستخدامها للوحة المنهوبة منذ عام 1956 إلى عام 1972، والعائدات التي حصلت عليها عندما باعت اللوحة عام 1972”.
وأوضح موقع “ARTnews” “أن الدعوى الجديدة بدت مألوفة، لأن ورثة آل ستيرن، رفعوا دعوى قضائية مماثلة ضد متحف المتروبوليتان ومؤسسة غولاندريس بشأن هذه اللوحة تحديداً عام 2022 في كاليفورنيا. وقد رفض القاضي هذه الدعوى في النهاية مدعياً أن مكان المعرض لا يتناسب مع الاتهامات الموجهة”.
أضاف: “الآن يحاول آل ستيرن حظهم مجدداً في نيويورك”.

