نوار لـ”أخبار 24″: جدة المدينة الوحيدة بالعالم التي ارتبط اسمها بأم البشر
لا تزال “مقبرة حواء” الواقعة في حي العمارية جنوب جدة، تشكّل واحدة من أكثر النقاط المثيرة للجدل في المدينة، سواء على الصعيد التاريخي أو الشعبي. ففي حين تشير روايات إلى أنها تحتضن رفات أم البشر “حواء”، يرى آخرون أنها لا تتجاوز كونها أسطورة تكرّست عبر الزمن.
“أخبار 24” التقت أمام بوابة المقبرة مع الخبير التاريخي، سامي نوار، الذي أكد أن مدينة جدة تُعد المدينة الوحيدة في العالم التي ارتبط اسمها مباشرة بأم البشر، مستشهدًا بخريطة ابن المجاور القديمة لجدة، والتي أشارت إلى حواء بلقب “أم الشعب”، مضيفا أن المقبرة تقع على أحد أعلى التلال في جدة، وهي مدرجة في الخرائط منذ أكثر من 700 عام، ولا تزال تُستخدم حتى اليوم لدفن المسلمين، حيث يرقد فيها أقارب كثير من سكان جدة.
وبينما أشار إلى أن القضية محل جدل تاريخي بين كبار المؤرخين كالجاسر والأنصاري، أكد نوار أن الرحالة والمستشرقين الأوروبيين القدماء تحدثوا عن المقبرة في كتبهم، ولم يجدوا مكانًا في العالم يربط البشرية كلها بأصل أمهم كما هو الحال في جدة.
روايات تاريخية متعددة
العديد من المؤرخين والرحالة العرب ذكروا المقبرة في كتبهم، من بينهم الطبري وابن جبير والهمداني، حيث ورد أن حواء نزلت في جدة بينما نزل آدم في الهند، واجتمعا في عرفات، كما تحدث الرحالة أوليا جلبي في القرن الحادي عشر الهجري عن القبر ووصفه بالتفصيل، مشيرًا إلى أنه مغطى بقماش حريري أخضر.
لكن في المقابل، هناك مؤرخون يشككون تمامًا في صحة هذه الروايات، ومنهم د. خالد أبو الجدايل، الذي يرى أن تسمية المقبرة مجرد أسطورة، مؤكدًا عدم وجود دليل علمي أو ديني يثبت دفن حواء فيها.
ورغم الجدل، تبقى المقبرة راسخة في ذاكرة المدينة، حاضرة في كتب الرحالة والمؤرخين من الشرق والغرب، وشاهدة على علاقة الإنسان الأول بالمكان، ولو من بوابة الروايات الشعبية والموروثات.