
حسين زلغوط
خاص- “رأي سياسي”:

منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في 27 تشرين الثاني من العام 2024، والذي أُعلن بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، كان الأمل سائدًا في أن يشكل هذا الاتفاق بداية لمرحلة جديدة من الهدوء والاستقرار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. لكن الواقع كان مغايرًا، حيث استمرت إسرائيل في ارتكاب خروقات يومية للاتفاق، ان على مستوى التحليق شبه اليومي للطائرات المسيرة في سماء لبنان، او بواسطة عمليات الاستهداف لإشخاص أو منشآت، أو أبنية سكنية بحجج مختلفة، مما دفع لبنان إلى تكثيف اتصالاته الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي للضغط على إسرائيل للإمتثال لإلتزاماتها.
لكن ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وثّق لبنان أكثر من 1400 خرق إسرائيلي، شملت اعتداءات برية وجوية على القرى الحدودية، وتدمير المنازل. هذه الانتهاكات أسفرت عن استشهاد عدد من الاشخاص وإصابة العشرات بجروح مختلفة، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار في المنطقة.
ولمواجهة هذه الخروقات، تقدمت وزارة الخارجية اللبنانية، عبر بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة، بشكاوى إلى مجلس الأمن الدولي، مطالبة باتخاذ “موقف حازم” إزاء هذه الانتهاكات. كما دعا المسؤولون اللبنانيون الولايات المتحدة وفرنسا للضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية، غير ان ذلك لم يؤد الى ردع العدو الاسرائيلي عن عدوانه، وكان أخر هذه الخروقات امس في بلدة بيت ليف، حيث استهدفت طائرة مسيرة بواسطة صاروخين احد الاشخاص كان على متن دراحته النارية في ساحة البلدة مما ادى الى اصابته اصابات بليغة.
حتى اللحظة لا يترك رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مناسبة الا ويتحدث عن هذه الخروقات ويدعو الدول الراعية للاتفاق التدخل للجم اسرائيل عن عدوانها، وكان آخر ما عبر عنه في هذا السياق هو اعتباره أن أي وجود إسرائيلي على أراضيه “احتلالًا”، مشددًا على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي اللبنانية. كما أكد على حق لبنان في استخدام جميع الوسائل المتاحة لضمان سيادته على أراضيه، لكن اللافت ان هذه المواقف لا تلقى صداها لدى هذه الدول التي لا تقوم بأي اجراء جدي لوقف تل ابيب عند حدها وحملها على الالتزام بما تم الاتفاق عليه.
لذلك ورغم الجهود المبذولة، تبقى التحديات قائمة أمام تحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة، في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية وعدم التزام اسرائيل الكامل بالاتفاقات الدولية، حيث يؤكد مطلعون على مسار هذه التطورات أن الحلول العسكرية لن تجدي نفعًا، وأن الحل يكمن في الضغط الدولي على إسرائيل للالتزام بالقرارات الأممية، وضمان حقوق لبنان في سيادته وأمنه.
وحول الموقفين الاميركي والفرنسي يؤكد هؤلاء ان واشنطن وباريس قلقتان من هذه الخروقات للهدنة التي وقعت بين لبنان واسرائيل برعايتهما، لكنهما يكتفيا بالدعوة لضمان تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، مع علمهما ان استمرار اسرائيل بهذه الخروقات ربما يؤدي الى انهيار الاتفاق في اي وقت، وبذلك يدخل لبنان مجددا ومعه ربما المنطقة في آتون حرب ستكون اشرس وأعنف بالتأكيد من الحرب الأخيرة.