جدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مطالبه لروسيا بإعلان “جدول أعمال” لجلسة المحادثات المتوقعة في إسطنبول، الاثنين، وسط غموض بشأن موقف كييف النهائي من حضور الاجتماع، فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تعمل على جمع “الأطراف المعنية” بإنهاء الحرب بين موسكو وكييف “لتحقيق السلام”.
وقال زيلينسكي، خلال خطابه، مساء السبت، إنه “لا توجد معلومات واضحة حول ما تحمله روسيا إلى محادثات إسطنبول. نحن لا نعرف، ولا تركيا، ولا الولايات المتحدة، ولا شركاؤنا الآخرون”، معتبراً أنه “حتى الآن، لا يبدو الأمر جدياً”، حسبما نقل موقع Pravda الأوكراني.
وأعرب الرئيس الأوكراني عن أمله في أن يكون الجانب الأميركي “حاسماً في مسألة العقوبات للمساعدة في تحقيق السلام”.
بدوره، قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، الأحد، إن روسيا تزعم أنها تستعد لمناقشة السلام بينما تمارس المزيد من الهجمات والتدمير، مشيراً إلى أنها لم تتلق حتى الآن من روسيا ولا تركيا أو الولايات المتحدة ما يسمى بالمسودة.
وفي وقت سابق الأحد، ذكر فيتالي كليتشكو، رئيس بلدية العاصمة الأوكرانية كييف، في منشور على “تليجرام”، الأحد، أن وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية تحاول التصدي لهجوم جوي روسي على المدينة.
وعرضت روسيا، الأسبوع الماضي، عقد جولة ثانية من المحادثات مع أوكرانيا، الاثنين، في إسطنبول، حيث قالت إنها ستقدم مذكرة تحدد شروط إنهاء الحرب. لكنها رفضت مشاركة الوثيقة قبل المفاوضات
وشدد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين، الجمعة، على أنه “لن يتم الإعلان عن تفاصيل مسودة المذكرة الروسية بشأن التسوية الأوكرانية”.
من جانبه، أكد الرئيس التركي، مساء السبت، استمرار الجهود لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن أنقرة تعمل على جمع الأطراف المعنية في إسطنبول لتحقيق السلام في المنطقة، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره البلغاري رومن راديف، بحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية.
وفي وقت سابق الجمعة، قال أردوغان لنظيره الأوكراني، في مكالمة هاتفية، إن الجولة الثانية المقررة من المحادثات بين أوكرانيا وروسيا ستمهد الطريق نحو السلام، وأنه من المهم أن يشارك الطرفان في المحادثات بوفود قوية.
“مطالب قاسية”
واعتبرت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفرض “مطالب قاسية” وغير قابلة للتفاوض في محادثات السلام مع أوكرانيا، قائلة إنه يرسل رسالة واضحة مفادها بأنه “لن يقبل بتسوية إلا وفق شروطه وسيستمر في القتال حتى تُلبى هذه الشروط”.
ولفتت الوكالة إلى أن بوتين يسعى في الوقت نفسه لتجنب إغضاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من خلال مدحه لدبلوماسيته وإعلان انفتاح موسكو على محادثات السلام حتى مع وضعه شروطاً قصوى رفضتها كييف والغرب.
في الأيام الأخيرة، أشار ترمب إلى فقدانه للصبر مع بوتين، معلناً أن القائد الروسي “أصبح مجنوناً” بسبب تصعيده الهجمات الجوية على أوكرانيا. وقال أيضاً: “ما لا يدركه فلاديمير بوتين هو أنه لو لم أكن موجوداً، لحدثت بالفعل أشياء سيئة جداً لروسيا، وأعني سيئة جداً. إنه يلعب بالنار”.
وفي مقابل تصريحات ترمب، قال الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف: “أنا أعرف شيئاً واحداً سيئاً جداً فقط، الحرب العالمية الثالثة. آمل أن يفهم ترامب هذا”.
فيدور لوكيانوف، محلل مقيم في موسكو ومطلع على تفكير الكرملين، قال إن بوتين يلعب “لعبة نفسية” مع ترمب، وكلاهما يعتقد أنه يفهم الآخر جيداً، بحسب “أسوشيتد برس”.
وتابع: “تبدو تكتيكات بوتين قائمة على فرضية أن القضية ذات أولوية أقل لواشنطن، بينما هي بالنسبة للجانب الروسي لا شيء يضاهيها في الأهمية”. وأوضح: “في هذا المنطق، الذي يعتبر الأمر أقل أهمية، سيقدم تنازلات في النهاية”.
توسيع الهجوم
على طول خط الجبهة الذي يمتد لأكثر من 1000 كيلومتر، تواجه القوات الأوكرانية المستنزفة ضغطاً روسياً متزايداً.
وسرّعت القوات الروسية زحفها البطيء عبر منطقة دونيتسك محور هجوم موسكو، مخترقة دفاعات أوكرانيا بأسرع وتيرة منذ خريف العام الماضي. كما وسعت روسيا هجماتها في منطقتي سومي وخاركوف في الشمال الشرقي بعد وعد بوتين بإنشاء منطقة عازلة على الحدود.
ويتوقع العديد من المراقبين أن توسع روسيا هجومها خلال الصيف لمحاولة السيطرة على المزيد من الأراضي وفرض شروط أقسى للسلام، بحسب الوكالة.
وقال سيرجي ماركوف، محلل موال للكرملين ومقيم في موسكو، إن الهجوم الذي طال انتظاره لم يبدأ بعد بشكل جدي لأن روسيا حذرة من إغضاب ترمب. وتابع: “إذا أعاقت كييف محادثات السلام، سيبدأ الجيش الروسي هجوماً كبيراً”.
شروط بوتين
وطلب بوتين أن تنسحب أوكرانيا من مناطق دونيتسك، ولوجانسك، وزابوريجيا وخيرسون، وهي المناطق الأربع التي ضمتها روسيا خلال الحرب في سبتمبر 2022 لكنها لم تسيطر عليها بالكامل. ورفضت كييف وحلفاؤها هذا الطلب، لكن الوفد الروسي كرره خلال الجولة الأولى من المحادثات مع أوكرانيا في إسطنبول في 16 مايو الماضي.
وذكرت “رويترز” في وقت سابق من الأسبوع الجاري، أن شروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا تتضمن مطلباً بأن يتعهد القادة الغربيون كتابياً بوقف توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقاً.
ويرى بعض المراقبين أن المحادثات محاولة من بوتين لتهدئة نفاد صبر ترمب المتزايد، فيما رد الكرملين على اتهامات الغرب بالتسويف بالقول إن الصراع لا يمكن حله بسرعة، وشدد على ضرورة معالجة “أسبابه الجذرية.”
إلى جانب تلك المطالب، يريد بوتين أيضاً فرض قيود على حجم الجيش الأوكراني.
وبضغط من الرئيس الأميركي، لإنهاء الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، التقى مندوبون من البلدين المتحاربين في وقت سابق من شهر مايو في إسطنبول للمرة الأولى منذ مارس 2022.
وفشلت المحادثات التي أجريت في 16 مايو في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار سعت إليه كييف وحلفاؤها الغربيون. وقالت موسكو إنه يجب توفر شروط محددة قبل تحقيق هذه الخطوة.